معبر نصيب.. أرباح لجيب النظام واستنزاف للوازم الاستهلاك المحلي
رسوم بعض الشاحنات التي تدخل من دول الخليج أو مصر إلى لبنان، يصل إلى نحو 1800 دولار أمريكي، مقارنة بـ 200 دولار قبل تسع سنوات
مهند المقداد/ درعا
لم يحقّق افتتاح معبر نصيب الحدودي مع المملكة الأردنية، منذ عودته للعمل قبل نحو عام ونصف، أي مكاسب اقتصادية كبيرة من شأنها تغيير الواقع المعيشي في سوريا، بل كان وقعه زيادة في صعوبة الأوضاع المعيشية وخاصة في المناطق المحيطة به.
وعلى الرغم من الآمال التي كانت مبنية على فتح المعبر في سوريا، إلا أنها اصطدمت بعدد من الأسباب التي حالت دون تحقيق المكاسب المرجوّة منه، أبرزها تحديد الطبقة المستفيدة من الأرباح وانكماش الاقتصاد المحلي بسبب العقوبات المفروضة على النظام، فضلاً عن إجراءات النظام التي قيّدت الحركة التجارية عبر المعبر.
معبر نصيب بين الماضي والحاضر
قال الدكتور في علم الاقتصاد “فراس شعبو” لمؤسسة نبأ الإعلامية، إن إيرادات معبر نصيب قبل اندلاع الثورة السورية، كانت تحقق مليار دولار سنويا، أما في العام الفائت 2019 بلغت إيرادات المعبر نحو 10 مليارات ليرة سورية مع الأخذ بعين الاعتبار سعر صرف الليرة المتهاوية مقابل العملات الأجنبية، ممّا يعطي مؤشراً كبيراً على مدى انخفاض العائدات.
وعلى الصعيد المحلي، كان المعبر يحقّق انتعاشاً في السوق المحلية في العاصمة دمشق ومحافظة درعا، حيث كانت مقصداً للتجار الأردنيين والسكان نظراً لتفاوت الأسعار بين البلدين، كما أن المعبر كان يحقق فرص عمل لمئات من السكان في المناطق المحيطة فيه، سواء بالعمل ضمن مكاتبه أو الشركات المستثمرة فيه.
إجراءات حالت دون تحقيق المكاسب
منذ إعادة فتح معبر نصيب في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر عام 2018، فرض النظام السوري والأردن إجراءات على الحركة التجارية عبر معبر نصيب، بفرض رسوم على سيارات النقل التجاري الأردنية كإجراء سوري، ومنع استيراد عشرات المواد من سوريا كإجراء أردني لحماية صناعاتها المحلية.
كما أدت الإجراءات الأمنية على الجانب السوري، إلى تراجع حركة التجارة ودخول المستثمرين الأردنيين، وخاصة بعد اعتقال النظام السوري لأردنيين وصل عددهم إلى 30 أثناء دخولهم إلى سوريا، دون توضيح تفاصيل وأسباب دوافع الاعتقال.
من جانبه، أشار الدكتور شعبو، إلى أن النظام حاول الاستفادة من عودة فتح المعبر من خلال رفع زيادة الرسوم الجمركية، من 10 إلى 62 دولار على الشاحنة بحمولة طن واحد، وهو رقم ضخم جداً على الشاحنات الكبيرة.
وأضاف شعبو، أن حركة نقل البضائع تراجعت بشكل كبير بسبب الرسوم المرتفعة، إذ تمر يومياً نحو 60 شاحنة فقط “قبل أزمة كورونا”.
وأكد مصدر من داخل معبر نصيب لمؤسسة نبأ، إن رسوم بعض الشاحنات التي تدخل من دول الخليج أو مصر إلى لبنان، يصل إلى نحو 1800 دولار أمريكي، مقارنة بـ 200 دولار قبل تسع سنوات.
وأوضح المصدر، أن أكثر الأطراف المتضررة من الرسوم الجمركية، هي سيارات النقل التجاري اللبنانية، حيث تضطر إلى دفع الرسوم في سوريا والأردن، كما أنه لا وجود لبديل عن ذلك سوى النقل البحري التي تتضاعف فيه تكاليف الشحن.
المستفيد من المعبر
اعتبر الدكتور فراس شعبو، أن فتح المعابر في ظل عدم توفر البنية التحتية والأمن الغذائي والحاجيات الأساسية للمواطن، سيكون له انعكاس سلبي على المواطن والاقتصاد، أما في حال تحدثنا عن نظام وسلطة فهم فقط من سيجنون المكاسب الكبيرة من هذا المعبر
وتابع، “إيرادات المعبر لا تدخل في عجلة الاقتصاد السوري وتقتصر فقط على المتنفّذين في النظام، مثلها كأي قطاعات رابحة في البلاد كالنفط والاتصالات وغيرها”.
في حين تبقى السوق المحلية في مستنقع الخسارة المتتالية، الأمر الذي ينعكس على السكان لما نتج عن ذلك ارتفاع كبير في الأسعار في ظل أزمة معيشية تعصف بالسوريين منذ سنوات.
وفي آب/ أغسطس عام 2018، سيطرت قوات النظام مدعومة من روسيا على محافظتي درعا والقنيطرة بما فيها معبر نصيب الحدودي مع الأردن، بعد معارك ومفاوضات استمرت قرابة شهر، خضعت خلالها معظم فصائل المعارضة لاتفاق التسوية، وخرج قسم منهم عبر قوافل التهجير إلى الشمال السوري.