من ثكنة عسكرية إلى مركز للاعتقال ثم معسكر للتدريب.. أبرز محطات قلعة بصرى الشام
هل فقدت قلعة بصرى الشام الأثرية رمزيتها؟
ما تزال القلعة الأثرية في مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، منتصبة على وقع الانتهاكات منذ اتخاذها ثكنة عسكرية لقوات النظام في المدينة قبل نحو سبع سنوات، حتى يومنا هذا الذي تحولت فيه إلى معسكر للتدريب في ظل سيطرة اللواء الثامن المدعوم من روسيا.
كانت قلعة بصرى مركزاً ومعلماً في كل مرحلة مرّت بها المدينة خلال الثورة السورية، ليس لرمزيتها الأثرية فحسب، بل لاتخاذها موقعاً عسكرياً ومعتقلاً فقد فيها العديد من الأشخاص أرواحهم في غرفها المظلمة.
قلعة بصرى بين العامين 2012-2015
“الثكنة”
تحولت المواقع الأثرية في بصرى الشام، من مقصد سياحي إلى “مرمى” للقذائف والصواريخ بشكل عشوائي، رداً على المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام فيه، حيث تعرض عدد من الأجزاء الأثرية للقصف، ما تسبب بدمار سرير بنت الملك المشهور ومئذنة المسجد العمري والأبراج المحيطة بالقلعة وغيرها من المواقع.
مع أولى المواجهات بين مجموعات المعارضة المسلحة وقوات النظام والميليشيات التابعة لها في بصرى الشام مع أواخر العام 2012، انقسمت المدينة لقسمين يخضعان لسيطرة الطرفين، وكانت المنطقة الأثرية في المدينة ضمن القسم الذي كان يخضع لسيطرة النظام، فحوّل الأخير القلعة إلى ثكنة عسكرية وأبراجها المحيطة إلى مواقع يتمركز فيها قناصته.
ومع تمركز قوات النظام داخل القلعة، تعرّضت بعض ساحاتها لأعمال تنقيب وحفر عشوائية بهدف البحث عن الآثار والذهب لبيعها، الأمر الذي أحدث تخريب في بعض المواقع وأبرزها الباحة السماوية.
وفي آذار/ مارس عام 2015، ومع إطلاق فصائل معارضة هجوم على القسم الذي يسيطر عليه النظام، تحولت القلعة إلى خط مواجهة بين الطرفين، ما جعل أجزاء منها عرضةً للقذائف والصواريخ، متسببةً بأضرار كبيرة.
قلعة بصرى بين العامين 2015-2018
“المعتقل”
سيطرت المعارضة المسلحة على بصرى الشام وقلعتها الأثرية في آذار/ مارس عام 2015 بعد معارك عنيفة مع قوات النظام، حيث خضعت المدينة فيما بعد لسيطرة فصيل “شباب السنة” بعد نزاع مسلح مع فصيل “حركة المثنى”.
ومع تحسن الظروف الأمنية في المدينة وتشكيل مجلس محلي وعودة المئات من سكانها ونزوح الآلاف من المناطق الأخرى إليها، بدأ فصيل “شباب السنة” بالتوسّع بضم مجموعات من مناطق مختلفة، حتى أُطلق عليه اسم “فرقة شباب السنة” متخذة من قلعة بصرى الشام الموقع العسكري الرئيسي لها، يُحيط به عناصر حراسة.
وعُرفت القلعة خلال فترة سيطرة الفرقة، باسم “معتقل 600” لتحويلها إلى مركز يتم فيه تجميع المعتقلين وتعذيبهم داخل الغرف المظلمة، واتهم ناشطون معارضون حينها، عناصر الفرقة باعتقال وتعذيب أشخاص بينهم ناشطين وعسكريين معارضين، وقتل أشخاص تحت التعذيب متهمين بالارتباط بالنظام.
وتعرضت القلعة الأثرية في أواخر العام 2015، لأضرار جسيمة بعد قصف جوي بالبراميل المتفجرة، تسبب بانهيارات وتصدعات في بعض أجزائها ومن بينها الباحة السماوية ومتحف التقاليد الشعبية والبرجين الثاني والرابع.
وفي تموز/ يوليو من العام 2018، عُقد في قلعة بصرى الشام “مقر القيادة العسكرية لفرقة شباب السنة”، أولى جلسات التفاوض مع الوفد الروسي إبان الهجوم على محافظة درعا، والتي انتهت بإبرام اتفاق التسوية بين الطرفين وسيطرة النظام وروسيا على الجنوب السوري.
قلعة بصرى منذ العام 2018 حتى اليوم
“المعسكر”
مع دخول فصائل المعارضة في محافظة درعا، ضمن اتفاق التسوية مع النظام، تحولت تسمية فصيل “شباب السنة” إلى اللواء الثامن ضمن الفيلق الخامس التابع للنظام والمدعوم من روسيا، مبقياً على مقره العسكري في القلعة الأثرية، فاتحاً المجال أمام بعض النشاطات والزيارات المحدودة التي نظمتها وزارة السياحة في حكومة النظام، بحماية من عناصر اللواء.
وطيلة الفترة الماضية، كانت الساحة الرئيسية للقلعة مركزاً لتجمع وانطلاق عناصر اللواء باتجاه معسكراتهم التدريبية في ريف اللاذقية، ومنطلقاً لأرتالهم العسكرية التي شاركت إلى جانب قوات النظام والميليشيات المساندة لها في معاركها ضد تنظيم الدولة في البادية السورية.
كما شهدت المواقع الأثرية في بصرى الشام، زيارات لضباط روس اطّلعوا فيها على المنطقة برفقة قائد اللواء “أحمد العودة” أحد أبرز القياديين الذين كان لهم دور كبير في إتمام اتفاق التسوية.
ومنذ نحو شهر، تحولت القلعة وساحتها الرئيسية إلى معسكر لتدريب المنضمين حديثاً للّواء الثامن، بعد دعوات من العودة عبر مندوبين ووجهاء، لدفع الشبان إلى الالتحاق باللواء تحت مبرّرات حماية مناطقهم مع عدم التبعية لأي جهة.
وبثت نبأ في وقت سابق من يوم أمس الأحد، تسجيل فيديو مسرب يُظهر المئات من العناصر المنضمين حديثاً للّواء الثامن، أثناء تدريبهم في معسكر بصرى الشام بساحة القلعة الأثرية.