التقارير

عشرٌ عجاف وأجسام تمثيلية هزيلة تلاشت مع أوّل صافر

نبأ \محمد يوسف

ما زالت الحلقة المتسببة بفشل أي تمثيل حوراني مفقودة رغم مرور 10 أعوام كانت كفيلة بمرارتها وأوجاعها بتصفية قلوب الأعداء وتآلفها بغية تضميد الجرح النازف الذي لم يوفر الصغير قبل الكبير.

منذ الشهور الأولى لعام 2011، وأهالي مهد الثورة يتساءلون عن الأسباب المانعة لتشكيل مجلس جامع يمثل المحافظة التي انطلقت منها أولى صيحات الحرية، رغم تكرار المحاولات في كل حين إلا أن الجهود كانت تأتي بنتائج فادحة، من ناحية فشلها لا بل لم يقتصر الأمر على ذلك بل كانت الخلافات والشقاق تزداد عند كل جولة على عكس تطلعات المدنيين.

الصحفي “عباس الديري” اعتبر أن السبب يعود إلى الـ ٥٠ عاماً من الحكم الواحد والسياسة الواحدة والرأي الواحد الذي تعزّز في البلاد، وهو ما أفرز هذا الفشل المتكرّر، مؤكداً أن الفرصة ما تزال سانحة للنجاح في المستقبل، فمجتمعنا يحتاج إلى المزيد من الوقت حتى يعود وينظم نفسه بشكل جيد.

وأوضح لـ”نبأ” أن الحديث كثر في الفترة الأخيرة عن تكتّلات لأبناء حوران وجميعها جاءت بعد الاتفاقية الروسية التي فرضت سياسة الأمر الواقع، وربما هذا يندرج ضمن إطار الشعور بالخسارة أو بالفشل، دعا الجميع للقول أن هذه السياسة هي من جعلتنا نخسر الجولة وبالتالي نخسر الأرض، لافتاً إلى أن جميع هذه التكتّلات جاءت متأخرة فلو أنها كانت في الأعوام الأولى للثورة بمكتسباتها على الأرض المحرّرة لكان الجميع وقف معها ونجحت في قيادة المرحلة وهذا شأن من يصل متأخراً.

وقال: “الفرصة سانحة فلربما يحدث أمر في نهاية عام 2021، وهذا ما نرجوه فالاتفاقية الروسية الأمريكية لفرض الرؤية الروسية على البلاد تنتهي مع نهاية العام المقبل ومن هنا نرجو أن يبقى العمل بشكل جدّي لتشكيل جسم جامع لأبناء حوران حتى نصل إلى بر الأمان”.

المصير المحكوم بالفشل

التنسيقيات الأولى للثورة التي اكتفت بالجوانب الإعلامية، ومثلها الإغاثية، كان مصيرها كلّها الزوال والاندثار رغم زخم التعويل عليها، كلّ ذلك كان بسبب الخلافات، كما يقول بعض الناشطين، حتى “رابطة أهل حوران” ذات التوجه الواحد بدأت عملها في عام 2012 بأهداف واسعة، سياسية وإغاثية وإعلامية واجتماعية بغية تمثيل المحافظة، سرعان ما تراجعت وانطوت على الجانب الإغاثي فقط.

الحال هذا لم يقتصر على هذه المجالس والروابط بل شمل من تلقى دعماً إقليمياً ودولياً كمجلس المحافظة وما تفرع عنه من مجالس محلية، حيث بدت التجربة مثالية بانتخابات انبثق عنها لجان وتمثيل واسع للمناطق بكلّ جغرافيتها، كل هذا لم يعد موجوداً اليوم، بسبب سيطرة النظام على الجنوب صيف عام 2018 بدعم من روسيا وإيران وصمت داعمي المجالس وتخاذلهم، علماً أنهم أطلقوا على أنفسهم لقب “أصدقاء الشعب السوري”.

الصحفية والناشطة في مجال حقوق المرأة “رجا حسن” أكدت لـ”نبأ” أن السبب الرئيسي في فشل مؤسساتنا الثورية هو “التحالفات الدولية وما انبثق عنها من مؤامرات ضد ثورة الشعب السوري، فالمؤسسة أو التجمع الثوري بحاجة لدعم وهذا الدعم كانت تتلقاه تلك المؤسسات والتجمعات من ما يسمى أصدقاء الشعب السوري في البداية والذين ظهروا أنفسهم بأنهم أعداء لثورات الشعوب في وقتنا الحالي”.

وأعادت “حسن” السبب في الفشل أيضاً اختيار هذه الدول للأشخاص الذين يديرون هذه المؤسسات، فمثلاً ترى شخصاً غير متعلم يدير مجلساً محلياً ثورياً وشخص قضى عمره مغترباً لا يعرف شيئا عن الوضع السوري الداخلي بات يتحدّث باسم أهالي وسكان منطقة ما وربما يتحدث باسم الشعب السوري وهذا الانتقاء الذي كان مفروضاً من قبل الداعمين ساهم في إحداث شقٍ كبير بين المؤسسات الثورية وبين الشعب الثائر وهو ما استفاد منه نظام بشار الأسد”.

ووفقاً لـ”حسن” فإنّ من “يمثلون المؤسّسات الثورية أصبح ولائهم للداعم وليس للثورة والوطن، فعملاء الإمارات والسعودية باسم الثورة يتصارعون مع عملاء تركيا وقطر، وهذا الصراع أضعفَ من ترابط الثورة وحرَفَ مسارها عن العدو الأساسي الذي يمثل نظام الأسد المجرم”.

غياب المشروع الوطني

مع كلّ ما جرى ويجري من عذابات يغيب عن المشهد حضور الأجسام التمثيلية، في وقتٍ ما تزال فيه الأسئلة عن العوامل المعيقة حاضرة في كل حوار بين سوريين اثنين، وتزداد إلحاحاً عن المانع من التمثيل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وصولاً لما هو منوط في قادمات الأيام بحلوها وعسيرها.

المحامي “أحمد . ن” أكّد أن “عدم توفر الممثل الحقيقي للشعب هو غياب المشروع الوطني الحقيقي الذي يرتقي لمستوى تضحيات السوريين، في ظل انقسام عشرات المعارضين وفقاً للأجندات الإقليمية والدولية”، فهنا وفقاً لوجهة نظره يصبح الولاء للخارج وليس للأهل والثورة.

كما شدّد لـ”نبأ” على أن التهجير القسري وظروف الغربة القهرية من أبرز العوامل التي أبعدت المعارضة ومن تصدروا المشهد في بداياته عن اجتماعهم في جسم ثوري يخدم مصالح الشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى