التقارير

فلاحو درعا يشكون الخسائر وأسباب تُنذر بموسم سيء لهذا العام

جواد أبو حمزة – نبأ

يستشري الفقر والحاجة في عموم درعا جنوب سوريا مع بداية مواسم زراعة المحاصيل ككل عام مع تخوّف كبير عند الغالبية بموسم شبيه للعامين المنصرمين وما لحق بفلاحي درعا من أضرار في موسمهم نتيجة الحرائق في عموم المحافظة التي أتلفت محاصيل آلاف الدونمات إضافة للأسعار المتهاوية التي لم تنصف المزارعين بعد احتكار مؤسسات النظام عملية الشراء بها وما لحق أصحابها من خسارة كبيرة دفعتهم للتفكير ملياً في نوعية محصول هذا العام.

استهداف المزارعين والتضييق عليهم عزاه بعض المتابعين للاقتصاد السوري برغبة روسيا رفع مستوى توريد المزيد من القمح ومنتجات أخرى لسوريا التي وصلت للاكتفاء الذاتي قبل اندلاع الثورة عام 2011، إذ تجاوز الإنتاج المحلي 4.5 مليون طن، انخفض تدريجياً إلى أقل من مليون طن في العام الفائت 2020.

مصادر مقرّبة من حكومة النظام تحدثت عن تحسّن ملحوظ في إنتاجية القمح في عموم المحافظات خلال العامين الماضيين دون الإفصاح عن أرقام دقيقة لحجم الإنتاجية، في حين قال سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي أواخر ديسمبر من العام الفائت، إن روسيا زودت سوريا بـ 100 ألف طن من القمح منذ بداية 2020 مشيراً إلى أنها مساعدات إنسانية وتعتزم بلاده تقديم المزيد.

يقول أبو ناصر الذي يملك نحو 20 دونم من المساحات الزراعية غرب درعا، إنه قرر ترك أرضه هذا العام دون زراعة خوفاً من الحرائق كما حصل في 2020، وخشية عدم القدرة على بيع كامل محصوله من العام الفائت بعد توريد جزء منه لصوامع مدينة إزرع وقطع مسافة تزيد عن 60 كم عن قريته وهو ما ألحقه خسائر بسبب المصاريف الزائدة. وأضاف: “القائمين على مراكز الاستلام حددوا نوعية محصولي في العام الماضي بأدنى درجة من حيث الجودة ما يعني أبخس الأسعار المسجلة وما اضطرني إلى إلغاء بيع باقي المحصول”.

وبيّن أبو ناصر أن انحسار عمليات الشراء وتحكم مؤسسات النظام بالسعر بالاشتراك مع بعض التجار المحتكرين، دفع الكثيرين للحفاظ على محصولهم أو بيع جزء منه لتعويض مدفوعاتهم خلال موسم الزراعة. “بعض المزارعين شرعوا في تقليص المساحة الزراعة لهذا العام”.

وكانت مديرية الانتاج الزراعي في حكومة النظام، حددت سعر الشراء من الفلاحين منتصف شهر آذار (مارس) من العام الماضي بنحو 225 ليرة للكيلو الواحد ورفعت لاحقاً سعر الشراء حتى 400 ليرة ما يعاد في الدولار الأميركي حوالي 30 سنت.

مظلومية السعر بحسب وصف مزارعين، دفع قسم منهم إلى تغيير نوعية المنتج الزراعي، وهو ما تحدث به عماد الحمدان، تاجر حبوب من درعا “كثيرون بوارد التحويل للزراعة المعيشية التي تحفظ لهم قوت يومهم وتسد حاجة عائلاتهم في الحد الأدنى دون تحقيق أرباح كبيرة على المدى البعيد نظراً لانحدار مستوى ضمان الربح الزراعي عاماً بعد عام”.

المهندس الزراعي صالح الصياصنة (اسم مستعار)، أكد عزوف مزارعين عن العمل وتراجع مكانة الأرض في نفوس السكان المحليين ورفضهم المجازفة لاحتمالية الخسارة، وهو ما يفسّر التراجع الكبير في الطلب على مستلزمات الزراعية مثل المبيدات والأدوية وتضاعف سعر ضمان الأراضي من خمسة آلاف ليرة قبل 2018 وصولاً إلى أكثر من 30 ألف ويتفاوت ذلك بحسب موقع وطبيعة الأرض المراد استئجارها، يُضاف إلى ذلك محدودية بذار الإكثار الملقّح وانحسار توزيعه على المحسوبيات المقربة من المسؤولين في دوائر النظام.

وأشار المهندس الصياصنة إلى لأسباب العسكرية التي تعيق أي محاولة لتنشيط الزراعة في بعض المناطق وخاصة الحدودية منها، وأبرزها انتشار الحواجز العسكرية التي تعرقل حركة المزارعين وتزيد مخاوفهم من استهداف تحركاتهم على الطرق الزراعية.

وأبدى مخاوفه من استمرارية تجاهل مظالم الفلاحين بعد تفشي ظاهرة هجرة الأراضي الزراعية خلال السنوات الأخيرة وهو ما سينعكس سلباً على الأمن الغذائي المحلي وتضرر مساحات زراعية كبيرة على المدى البعيد.

وتشهد مناطق عدة في جنوب سوريا منذ ثلاثة أيام نقص حاد في مادة الطحين ما دفع بعض المخابز إلى التوقف عن العمل بانتظار إمداداتها من دائرة التموين والأفران لدى حكومة النظام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى