إفراج مرتقب عن 30 معتقلاً من محافظة درعا
منذ توقيع انفاق التسوية جنوب سوريا في تموز 2018، واللجان المركزية في درعا تفاوض على ملف المعتقلين، الذي يعتبر الأكثر أهمية وتعقيداً في نفس الوقت.
فبعد الاتفاق الأخير في بلدة طفس غرب درعا، الذي تقرر به عدم شن حملة عسكرية على المنطقة وإلغاء خيار تهجير بعض المقاتلين السابقين في صفوف المعارضة، عاد ملف المعتقلين إلى الواجهة من جديد، حيث طالبت اللجان المركزية بمعتقلي درعا في سجون النظام، خلال اجتماع ضمّهم مع اللجنة الأمنية وضباط روس في بلدة طفس غرب درعا، ليسارع الروس واللجنة الأمنية في تصدّر الواجهة وتبنّي هذا البند من الاتفاق.
في حديثنا مع أحد أعضاء اللجان المركزية في درعا والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن اهتمام الروس بملف المعتقلين سببه مؤتمر أستانة 15، والذي يركّز على ملف المعتقلين، ومحاولة من الروس لتبييض صفحة الأسد قبيل انتخاباته في حزيران القادم.
وأضاف المصدر، أن هنالك أطراف بدأت تستغل هذا الاتفاق لتحجيم دور اللجان المركزية، حيث أمرت الأفرع الأمنية بعض قادة الميلشيات المحلية في درعا بتسجيل أسماء المعتقلين، مثل شادي بجبوج الملقب “شادي العو، ومصطفى المسالمة الملقب بـ “مصطفى الكسم”، وبحسب كلامه فإن الهدف من هذا تلميع هؤلاء الشخصيات على حساب اللجان المركزية حيث بدأ الكثير من الأهالي بالذهاب إليهم لطلب تسجيل أبنائهم والتودد إليهم.
تفاصيل دفعة المعتقلين المتوقع خروجهم
بحسب مصدر مقرّب من اللجنة المركزية لريف درعا الغربي، فإن اللجان قدّمت قوائم تضم أسماء 57 معتقلاً من محافظة درعا، من معتقلي قبل التسويات وبعد التسويات، في حين طلبت اللجنة الأمنية 30 اسماً فقط، وكان هذا أحد شروط الاتفاق بين اللجنة الأمنية واللجان المركزية في طفس غرب درعا.
وقال المصدر مجيباً عن سؤالنا حول آلية اختيار المعتقلين وما إذا كان هنالك شروط معينة يجب أن تنطبق على المعتقل:
“اللجان المركزية اختارت معتقلين من معظم مدن وبلدات درعا، ومن الفاعلين في الحراك السلمي ضد النظام بعد التسويات والمحسوبين على المعارضة”.
أضاف المصدر أنه من المتوقع خروج المعتقلين مطلع الأسبوع القادم بحسب كلام ضباط في اللجنة الأمنية في درعا، حيث تم تسليم قوائم المعتقلين التي تم جمعها عبر مندوبين اللجان المركزية للجنة الأمنية في درعا وللروس الذين رحّبوا بهذا الاتفاق.
استغلال حاجة الأهالي
مع خروج هذا الاتفاق للعلن وانتشار خبر جمع أسماء معتقلين لإخراجهم من سجون النظام، بدأت عدة جهات باستغلال أهالي المعتقلين ومفاوضتهم على تسجيل أسماء أبنائهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، بحكم ارتباط هذه الشخصيات مع ضباط في الأفرع الأمنية.
وفي السياق ذاته، قال أحد أعضاء اللجنة المركزية في مدينة درعا، أن المدعو ” غ . م “، أحد الأشخاص المقربين من النظام وعضو سابق في حزب البعث، يقوم عبر عدد من الأشخاص التابعين له بالاتصال بأهالي المعتقلين وطلب مبالغ مالية مقابل تسجيل أسمائهم ضمن دفعة المعتقلين المتوقع إخراجها الأسبوع المقبل.
مع انعدام الخيارات البديلة وقلة حيلة الأهالي في هذا الملف، علمت نبأ من مصادر خاصة عن توجه عدد من أهالي المعتقلين إلى هذه الشخصيات و إلى قادة الميليشيات المحلية المنضمة للنظام بعد اتفاق التسوية لدفع مبالغ مالية لتسجيل أسماء معتقليها، وهذا ما يطمح إليه النظام بحسب عضو في اللجنة المركزية في مدينة درعا والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن اللواء حسام لوقا قالها سابقاً:
” لا أريد لجان تفاوض في درعا، الناس بإمكانهم تقديم متطلباتهم إلينا مباشرة“.
ورقة ضغط بيد روسيا والنظام
كان مصير معتقلي جنوب سوريا هو محور اتفاق التسوية الموقّع في تموز 2018، وكان المبرر للعديد من قيادات المعارضة بقبول الاتفاق وتسليم المنطقة للنظام، فالكشف عن مصير آلاف المعتقلين بات هو الهدف الأكبر للكثيرين.
لكن من اليوم الأول للاتفاق بدأ تسجيل حالات الاعتقال لمقاتلين سابقين في صفوف المعارضة وناشطين سياسيين وإعلاميين في جنوب سوريا، والتي كانت روسيا تسارع بإخراجهم بعد اتصالات مباشرة مع منسقين ضمن ما يعرف بـ “اللجان المركزية” حالياً.
ومع الوقت بدأت هشاشة الاتفاق وتراجع دور روسيا في تطبيقها لبنود الاتفاق تظهر للعلن، بعد أن تجاوزعدد معتقلي درعا بعد اتفاق التسوية لأكثر من ألف معتقل.
ليتحول الملف من بند يتوجب تنفيذه ضمن اتفاق التسوية، إلى ورقة ضغط بيد روسيا والنظام، يحملونها بجعبتهم كلّما أرادوا السيطرة على منطقة أو تطبيق خطة ما في جنوب سوريا.
فبين الفترة والأخرى، تنطلق مبادرات سواء كان من اللجنة الأمنية أو الروس، لتسجيل أسماء معتقلين، علماً بأنه يوجد إحصائية لدرى اللجان المركزية بمعتقلي محافظة درعا، وتم تسليمها للروس واللجنة الأمنية سابقاً ولم يخرج منهم أحد.
بل على العكس تماماً، بدأ سوق السماسرة ينشط بشكل أكبر لإخراج المعتقلين مقابل مبالغ مالية، وكان آخرها خروج معتقل مقابل خمسة آلاف دولار من الأمن العسكري، بحسب مصادر لنباً.
وردّ أحد أعضاء اللجنة المركزية في درعا على سياسة الروس واللجنة الأمنية في التعامل بملف المعتقلين:
” لا خيار آخر لدينا، نملك قوائم بأسماء المعتقلين، من يتم إخراجه نشطب على اسمه ونطالب بالبقية”
ووصل عدد معتقلي محافظة درعا الذين تم اعتقالهم منذ توقيع اتفاق التسوية حتى بداية عام 2021 إلى أكثر من 1878 معتقلاً، بحسب إحصائية لـ”مكتب توثيق الشهداء”، ليتم إخراج عدد منهم على شكل دفعات تحت مسمى “مكرمة رئاسية”، علماً أن غالبيتهم حاملين لبطاقات التسوية التي من المفترض تجنبهم من الاعتقال وكف البحث عنهم.