التقارير

استخراج الأوراق الثبوتية.. عبء أثقل كاهل السوريين

نبأ| لجين المليحان

ما بين مرارة الفقر وصعوبة استخراج الأوراق الثبوتية يعيش السوريون في أغلب الأحيان مشاكل معقدة، تبدأ بوضعهم القانوني وتنتهي بأحوالهم الأسرية والمعيشية.

الكثير من الأهالي في درعا لا يملكون أوراق شخصية، بعضهم فقدها في الحرب بسبب النزوح أو القصف من النظام، وآخرين بسبب عدم قدرتهم على مراجعة الدوائر الحكومية خلال السنوات العشرة الماضية، وما يزيد من قلقهم عجزهم عن الحصول عليها حتى اليوم بعد عامين من سيطرة النظام على المحافظة.

يشكو سكان من عملية استخراج الأوراق الثبوتية وغيرها من المعاملات، لما يتعرّضون له من “إذلال وابتزاز” من قبل ضباط ومحامين وموظّفين متنفّذين.

بالأرقام، ﺗﺒﻠﻎ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺟﻮﺍﺯ ﺳﻔﺮ (ﻋﺎﺩﻱ) ﺩﺍﺧﻞ ﺳﻮﺭﻳﺎ 12700 ﻟﻴﺮﺓ ﺳﻮﺭﻳﺔ، ﻭ(ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺠﻞ) 30800 ﻟﻴﺮﺓ، استناداً إلى قرار أُقرّ ﻓﻲ ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ 2018 برفع تكلفة استخراج جوازات السفر.

يتحدث أبو ماجد، أحد سكان بلدة المسيفرة (شرق): “أي وثيقة أو معاملة تمر من الدوائر الحكومية يضطر صاحبها لدفع رشاوى مالية حتى يتمكّن من الحصول عليها”.

وعن تجربته في استخراج أوراق شخصية لعائلته يقول “بسبب عدم قدرتي على الذهاب لدوائر الدولة للحصول على جواز سفر لابني الذي يبلغ 15 عاماً لأسباب أمنية، اضطررت للاتفاق مع معقب معاملات ليتكفّل بذلك مقابل مبلغ 280 دولار إضافة لرسوم بلغت تكلفتها 25 ألف ليرة”.

ومن بين الأوراق التي عادةً ما يتطلّب دفع مبلغ مالي كبير لاستخراجها، ورقة “لا حكم عليه” بتكلفة 80 ألف ليرة على الأقل، وترتفع التكلفة بحسب طريقة استخراجها واستغلال الموظّف لحاجة الشخص لها وما إذا كان متخوّفاً من الملاحقة الأمنية”.

أما ورقة “ضبط شرطة” عند فقدان البطاقة الشخصية تصل تكلفة استخراجها إلى 65 ألف ليرة، القسم الأكبر من المبلغ يُدفع لصف ضابط في مديرية الناحية أو مركز الشرطة.

يقول الحقوقي عاصم السيد (اسم مستعار) من بلدة المزيريب (غرب): “الشعب السوري اليوم يعيش في ظل دولة فاشلة بكل المعايير، حيث أصبحت الدوائر الرسمية في ترهل منقطع النظير، ولا يمكن الحصول على وثيقة إلا مقابل ثمن نقدي يُدفع للوسيط الذي قد يكون موظفاً أو عنصراً أمنياً أو حتى محامي”.

ويشير السيد إلى أن أغلب الذين عادوا إلى وظائفهم في حكومة النظام تقدموا بالأوراق المطلوبة والوثائق منها “لا حكم عليه وكف بحث من القضاء”، وبعد استكمال الأوراق تبدأ مرحلة الدراسة الأمنية التي يجريها جميع الأفرع الأمنية عن الشخص.

“لا يستطيع أي موظف كائناً من كان أن يراجع فرعاً أمنياً دون أن يحصل على ضمانات بعدم اعتقاله، وهنا لابد من الدفع لوسيط حتى يضمن للشخص الرجوع بسلام من الفرع الأمني، ويكون الضمان مبلغ نقدي يتراوح ما بين50  إلى100 ألف ليرة”.

وأوضح أن المبلغ يتضاعف تبعاً لصفة الجهة الأمنية، فإذا كانت المخابرات الجوية يصل إلى ما بين 100 إلى 500 ألف ليرة.

ويصف الحقوقي عاصم، الواقع المعيشي “مر وأليم بين غلاء الأسعار وتفشّي الوباء ورعب من النظام لم تشهده دولة في العالم لا قديماً ولا حديثاً”.

وتشمل العقبات التي تواجه الأهالي عند مراجعتهم الدوائر الحكومية، بيع أو شراء العقارات، بعضها يستغرق نحو 4 – 6 أشهر حتى الحصول على موافقة أمنية بعد أوراق “لا حكم عليه وبراءة ذمة”

يقول نوس الحريري (اسم مستعار) من بلدة بصر الحرير (شرق)، إن الموافقة الأمنية من أجل بيع عقار ما، تأتي في المرحلة الثانية، التي تتطلب خلو صاحب العقار من أي قضية أو حكم، وبحال وُجد ذلك يبقى العقار مصادراً ولا يحق له البيع والتصرف به أو يدفع مبالغ كبيرة لضباط أو مسؤولين لحل هذا الأمر.

ويعاني الأهالي من صعوبات في استخراج أوراق شخصية ومعاملات أخرى من بينها أذونات السفر وشهادة قيادة المركبات وتأجيل الخدمة، إضافة إلى الشهادات الجامعية التي أصبحت لا تُسلّم في كثير من الأحيان إلا بعد تأدية الخدمة العسكرية.

ويرجح نورس، أن الصعوبة في هذه المعاملات تكمن بتعرّض الأشخاص لـ “محاكم إرهاب غير قانونية”، وبعض الدعاوى مازالت قائمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى