التقارير

إلى أي مدى قد تتطوّر العلاقات بين الأردن والنظام السوري؟

بعد تقييد نشاط المعارضين وإحياء التعاون على المستوى الاقتصادي.. إلى أي مدى قد تتطوّر العلاقات بين الأردن والنظام السوري؟ وأين اللاجئين السوريين من ذلك؟

نبأ| اسماعيل المسالمة


تتحرّك المياه الراكدة بين الأردن والنظام السوري من جديد، عبر البوابة الروسية هذه المرة تتجدّد محاولات إعادة العلاقات بين الجانبين بخطوات استُأنفت على الصعيد الاقتصادي وأخرى تطوّرت على الصعيد الأمني.

لكن منذ سيطرة النظام على منطقة جنوب سوريا قبل أكثر من عامين لم تتطور العلاقات مع الأردن إلى حدّ يمكن القول إن “المياه عادت إلى مجاريها” بين الطرفين، على الأقل لم تكن القرارات المتبادلة بشأن معبر نصيب “ودّية” بينهما بحسب مراقبين، فما الذي يمنع عودة العلاقات على أعلى مستوى؟

يقول الصحفي الأردني محمد العرسان لـنبأ، إن النظامين السياسيين في الأردن وسوريا لم يكونا على وفاق تام ولن يكونا كذلك لأن كل منهما في معسكر مختلف.

يستبعد العرسان وهو رئيس تحرير راديو البلد، أن تتجاوز العلاقات التبادل التجاري بين البلدين وما شابه ذلك على المستوى الاقتصادي لكن العلاقات السياسية قد تبقى كما هي. “حتى وإن عادت العلاقات بينهما فإن الأردن سيكون حذراً جداً فلا يوجد ثقة لديه بالنظام السوري ولا يأمن جانبه والمحطات التاريخية قبل العام 2011 تثبت ذلك”.

في آب (أغسطس) من العام الفائت كان معبر نصيب الحدودي بين البلدين على موعد من الإغلاق بقرار أردني ظاهر أسبابه تفشّي فيروس كورونا بين العاملين فيه، وباطنها استيلاء الفرقة الرابعة المدعومة من طهران على المعبر وتحكّمها في مفاصله، الأمر الذي أقلق عمّان وهو ما نقلته إلى روسيا لمحاولة إبعاد الفرقة عن المعبر لكن الأخيرة فشلت في ذلك.

ويرى مراقبون أن إغلاق معبر نصيب لم يكن بالقرار الصعب على الأردن خاصة وأنه لم يلبّي التوقعات التي كان يطمح لها مع سيطرة النظام على جنوب سوريا بإعادة فتح شريان الحياة لمناطق شمال المملكة، حيث حدّت القيود المفروضة من الجانبين من عودة التبادل التجاري إلى ما كان عليه قبل عام 2011 ومن ثم قانون قيصر الأميركي الذي شل الحركة التجارية مع النظام السوري.

واستمر الجمود بين الطرفين على المستوى الاقتصادي منذ إغلاق المعبر حتى استئناف المباحثات بين غرفتي “الصناعة” و”التجارة” الأردنيتين مع ما يقابلها في سوريا، بدأت بزيارة رئيس غرفة التجارة الأردني نائل الكباريتي، إلى دمشق مؤخراً ودعوة نظيره السوري إلى الأردن، كما دعا رئيس غرفة الصناعة الأردني نظيره السوري لزيارة عمان يتلوها زيارة وفد من رجال الأعمال الأردنيين إلى دمشق لبحث إقامة علاقات ومشاريع اقتصادية.

ويرى الصحفي العرسان أن أبرز المعوقات التي حالت دون استمرار التبادل التجاري إضافة لضغوط قانون قيصر، هو وجود الميليشيات الإيرانية في المنطقة الحدودية وخاصة معبر نصيب، وبالرغم من طلب الأردن إبعادها إلى مسافة 40 كيلو متر نحو الداخل إلا أن النظام السوري لم يستجيب وبالتالي أُغلقت الحدود. وأضاف “إذا توصّلت روسيا التي تلعب دور الوسيط بين النظام والمملكة، إلى إخراج الميليشيات وجعل معبر نصيب بيد جيش النظام فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج إيجابية.

ويتوقّع أن يتم إعادة فتح المعبر “قريباً جداً” بعد المباحثات بين الجانبين على المستوى الاقتصادي. “الأردن يبحث عن مصلحته الاقتصادية فالعديد من القطّاعات تأثرت بإغلاق المعبر وخاصة في مناطق شمال المملكة الأكثر تأثراً في ظل تزايد الخسائر بسبب فيروس كورونا”.

إحياء العلاقات بين الجانبين لم يكن على المستوى الاقتصادي فقط، مؤخراً تسلّمت الأردن من سوريا عبر روسيا أول قائمة تتضمن أسماء مطلوبين للنظام مقيمين في الأردن، لوضع قيود عليهم من السلطات الأردنية أو ترحيلهم.

مصدر مطّلع نقل لـنبأ قبل أسبوعين أن إدارة المخابرات العامة في سوريا وضعت قائمة تضمنت نحو 30 اسم لسياسيين وعسكريين معارضين، صادق عليها اللواء كفاح ملحم واللواء حسام لوقا وسُلمت إلى المخابرات الأردنية عبر روسيا.

وأبلغت المخابرات الأردنية مؤخراً معظم القادة السابقين لفصائل المعارضة وبعض السياسيين والناشطين بقرار إيقاف نشاطاتهم المتعلقة بمناهضة النظام وإيقاف كافة أشكال التواصل مع المعارضين في الداخل السوري.

يشير المتحدث السابق إلى أن “الأردن بالفعل يفرض قيود على الأعمال والفعاليات للمعارضين السوريين على أراضيه وهو ما اتضح أيضاً من خلال بيان الرد الرسمي على قضية ترحيل اللاجئة حسنة الحريري”

“الأردن يعتبر الوجود السوري على أراضه وجود إنساني فقط دون أي نشاطات ضمن مؤسسات معارضة للنظام وهو ما تتجنّبه المملكة إلا إذا كان ذلك النشاط مدعوم أردنياً وتحت رعايته كما كان فصيل جيش العشائر”

من وجهة نظر المعارضة السورية، فإن الأردن يضع القيود على المعارضين المقيمين في الأردن وهو نتيجة تقارب مع النظام السوري. “أستبعد أن تعود العلاقات كما كانت بين الجانبين قبل عام 2011 ومن الممكن أن يبقى التقارب على المستوى الاقتصادي دون السياسي الرسمي لأن علاقة الأردن مع الدول الأجنبية أهم من علاقته مع النظام” كما يقول الدكتور عبد الحكيم المصري وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة.

واتفق المتحدثان (العرسان والمصري) على أن ملف اللاجئين السوريين في الأردن سوف يبقى إنسانياً بعيداً عن المساومة حتى وإن تطوّرت العلاقات مع النظام السوري ولن يؤثر ذلك على وجودهم في المملكة لكن تبقى القيود على السياسيين والعسكريين المعارضين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى