التقارير

يخط خطابات بشار الأسد، ويدير ملف الجنوب السوري، تعرف على أحد رجال الظل في النظام السوري

وكان للحميدي دور كبير في الاتفاق الذي عقد منتصف عام 2018 بين فصائل المعارضة وقوات النظام برعاية روسية وذلك عن طريق "كنانة حويجة" والتي تعد أحد أذرعه في ملف التسويات والمصالحات والذي أفضى لسيطرة قوات النظام على جنوب سورية آنذاك.

نبأ | أمجد محمد

من درعا إلى القصر الجمهوري

في خمسينيات القرن الماضي و على إثر خلافات مالية بين عائلة الحميدي و ما كان يعرف آنذاك بالبيك ( يوسف أبو رومية) في قرية دير العدس شمال درعا، انتقلت تلك العائلة لتقطن منطقة ركن الدين في العاصمة دمشق حيث تطوع الأخوة الثلاثة محمد و عبد الرحمن و أحمد الحميدي بعد عدة سنوات من انتقالهم في الجيش السوري آنذاك، و تحديداً في القوات الجوية، و في حرب عام ثلاثة و سبعين شارك محمد الحميدي في تلك الحرب كقائد لأحد أسراب الطيران حيث أصيبت طائرته بأحد الصواريخ الإسرائيلية و نجا من تلك الحادثة بأعجوبة، ليمنحه حافظ الأسد حينها وسام الشرف و الاستحقاق من الدرجة الأولى و يرفع رتبته إلى مقدم، و أصبح مقرباً من القصر الجمهوري، فيما حصل كل من أخوته أحمد و عبد الرحمن على ترفيعات أخرى في قيادة الجيش ليصبح عبد الرحمن برتبة عميد ركن قائداّ لقسم الاستطلاع في مطار المزة العسكري في حين أصبح محمد الحميدي أحد مستشاري المكتب الخاص لبشار الأسد بعد استلامه الحكم عام 2000، فيما بقي أحمد الأخ الثالث ضابطاً في جهاز الشرطة حتى وفاته قبل عدة أعوام.

يخط خطابات بشار الأسد

لمحمد الحميدي عدد من الأولاد أبرزهم مازن حميدي أو ما يعرف ب(الدكتور) تخرج من كلية الطب في جامعة دمشق باختصاص (أذن، أنف، حنجرة) وأصبح مقرباً من القصر الجمهوري في منتصف العقد الأول من القرن الحالي بسبب علاقات والده، وفيما بعد حلّ محل والده في المكتب الخاص لبشار الأسد كمستشار سياسي وكاتب لخطابات بشار الأسد والتي كان آخرها كلمته التي القاها أمام مجلس الوزراء الجديد في 14/08/2021 والتي عرض من خلالها الأسد (اللامركزية الإدارية) كحل للمعضلة السورية.

أحد رجالات الظل في منظومة الأسد

يقطن مازن الحميدي اليوم في منزل بالقرب من ساحة شمدين في حي ركن الدين الدمشقي برفقة زوجته وأولاده، ولديه عيادته الخاصة في شارع الحمرا بالعاصمة دمشق والتي تعتبر مركزاً لاجتماعاته مع عدد من قيادات النظام العسكرية والأمنية.

يعمل ويتنقل مازن الحميدي سراً محاطاً بمرافقة خاصة من مجموعات (CTU) أو ما يعرف بوحدة مكافحة الإرهاب التي يديرها اللواء علي مملوك وتمولها وتدربها روسيا، ويشرف الحميدي بشكل مباشر على رسم السياسة الأمنية لمكتب الأمن الوطني والذي يترأسه مملوك أيضاً.

مبادرة سلام الجنوب

في بداية عام 2015 وبدعم من الجنرال الروسي ألكسندر زورين مبعوث وزارة الدفاع الروسية إلى مجموعة العمل الدولية (ISSG) أطلق الحميدي مبادرة سلام الجنوب والتي عمد من خلالها إلى إنشاء ما بات يعرف لاحقاً بلجان المصالحات في مدن وبلدات درعا والقنيطرة، وكانت المهمة الموكلة إلى تلك اللجان فتح قنوات تواصل مباشرة مع قادة فصائل المعارضة السورية بهدف تجميد جبهات القتال وعقد اتفاقات مصالحة سرية بين بعض الفصائل والنظام السوري برعاية روسية.

مصادر مطلعة كشفت لنبأ أن أولى إنجازات “مبادرة سلام الجنوب” كانت عام 2016 حين عقد أول اتفاق تهدئة سري بين فصيل ” مجاهدي حوران” في مدينة انخل شمال غربي درعا ممثلاً ب “أبو منهل السمير” الأخ الأكبر لقائد الفصيل “عثمان السمير” و الذي قتل لاحقاً بعملية انتحارية نفذها أحد أفراد داعش في منزل أحد تجار الأسلحة بمدينة انخل من جهة و بين قوات النظام بإشراف مازن الحميدي من جهة أخرى حيث نص الاتفاق على تسليم فصيل المعارضة لرشاش ثقيل من عيار 23 ملم بالإضافة لمدفع من نوع “جهنم” محلي الصنع على أن تتوقف قوات النظام عن استهداف المدينة و إخراج عدد من المعتقلين، و فتح معبر لإدخال المواد الغذائية و المحروقات إلى مدينة انخل.

لم يتوقف نشاط الحميدي ضمن تلك المبادرة عند هذا الحد فقد عقد اتفاقات سرية مشابهة في مدن وبلدات الحارة وابطع وداعل وغيرها، معتمداً في ذلك على أذرع مبادرته من لجان المصالحات هناك.

وكان للحميدي دور كبير في الاتفاق الذي عقد منتصف عام 2018 بين فصائل المعارضة وقوات النظام برعاية روسية وذلك عن طريق “كنانة حويجة” والتي تعد أحد أذرعه في ملف التسويات والمصالحات والذي أفضى لسيطرة قوات النظام على جنوب سورية آنذاك.

تشكيل حزب سياسي في درعا

بعد سقوط الجنوب السوري بيد النظام السوري، بدأ الحميدي العمل على إنشاء كيان سياسي في درعا بشكل سري، و قد حصلت نبأ على تفاصيل اجتماع عقده الحميدي في نهاية العام 2018 مع عدد من المعارضين الذين بقوا في درعا و أجروا تسويات مع النظام السوري و من بينهم “محمد المذيب” وزير الإدارة المحلية السابق في الحكومة السورية المؤقتة و إسماعيل الحاج علي و ” أحمد الدنيفات” المعروف بأبو بكر الحسن أحد قادة المعارضة في مدينة جاسم و الذي اغتيل لاحقاً في عام 2020 على يد مجهولين و عدد من أعضاء ما كان يعرف بهيئة الإشراف و المتابعة في الجنوب السوري و التي كانت تعتبر ذراع التنسيق الميداني للجبهة الجنوبية آنذاك، بالإضافة لضباط منشقين عن قوات النظام ممن أجروا تسويات، و قد عرض الحميدي خلال الاجتماع الذي عقد في العاصمة دمشق بحضور اللواء علي مملوك تشكيل كيان سياسي في درعا ضمن إطار المعارضة الداخلية، و كانت خطة “الدكتور” تقتضي إنشاء حواضن شعبية ضمن المجتمعات المحلية في درعا للكيان السياسي قبل الإعلان عنه، و هو ما حدث لاحقاً حيث بدأ العمل على مشروع “خيمة وطن” في عدد من المدن و البلدات لإيجاد قاعدة شعبية للكيان المزمع تأسيسه، إلا أن المشروع فشل لاحقاً لأسباب غير معروفة.

وقد كشفت مصادر لنبأ أن الحميدي عاد للعمل على ذات المشروع خلال الأشهر القليلة الماضية بدعم من روسيا وبمساعدة عدد من المعارضين السوريين في الداخل.

جمعية تموز، نفوذ اقتصادي وعلاقات مع حزب الله

أسس مازن الحميدي عام 2016 جمعية تموز أو ما يعرف بالجمعية السورية لدعم أسر الشهداء، وقد حصلت نبأ على معلومات تؤكد ارتباط تلك الجمعية بما يعرف بمؤسسة الشهيد الذراع المالي لحزب الله اللبناني، حيث يستخدم الحميدي جمعية تموز كوسيلة للحصول على أموال وتبرعات من مؤسسة الشهيد اللبنانية والتي بدورها تتلقى دعماً وتمويلاً مباشراً من طهران وقد أدرجت ضمن اللائحة السوداء للولايات المتحدة الأمريكية بسبب نشاطاتها المشبوهة في تلقي تبرعات من تجار المخدرات والسلاح في أمريكا الجنوبية.

كما اعتمد الحميدي أيضاً للحصول على تبرعات لجمعيته على عدد من تجار دمشق وأبرزهم “سامر فوز” والذي تربطه بالحميدي علاقة قوية وصلت إلى شراكة في تأسيس شركة MENA لإنتاج السكر برأسمال يقدر بنحو 47 مليون دولار.

“الدكتور” في درعا قبل أيام، أمر بقتل مدني

قبيل أيام و حين توصلت اللجان المركزية في درعا البلد لاتفاق تسوية مع قوات النظام برعاية روسية ، ظهر «الحميدي” إلى جانب اللواء حسام لوقا رئيس شعبة المخابرات العامة و العميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة الجنوبية في مشهد يدل على دور كبير لعبه “الدكتور” في التوصل إلى ذلك الاتفاق، إلا أن تجمع عدد كبير من المدنيين على جانبي حاجز السرايا الفاصل بين أحياء درعا المحاصرة و درعا المحطة و هتافات الأهالي ضد النظام أثارت على ما يبدو حفيظة الدكتور الأمر الذي دفعه لشتم و إهانة إحدى النساء اللاتي تجمعن للعودة إلى بيوتهن في درعا البلد، ما دفع الشاب “عبد الكريم جمال المصري” و هو أحد أبناء درعا للرد على الحميدي، و قد حصلت نبأ على مقاطع حصرية تظهر جانباً من تلك اللحظات قبل أن يأتي أحد قياديي اللواء الثامن في الفيلق الخامس و عناصر مرافقة الحميدي من وحدة مكافحة الإرهاب و يبعدوا الحميدي عن مكان الحادثة، ليأمر الحميدي بعدها مباشرة عناصر مرافقته بقتل الشاب، و هذا ما حدث بالفعل حيث أطلق أحد عناصر مرافقة الحميدي أربع رصاصات على الشاب عبد الكريم ليردوه قتيلاً و يبدأ بعدها بقية العناصر بإطلاق النار العشوائي على المدنيين المجتمعين على حاجز السرايا لتفريقهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى