التطورات شرق الفرات استمرار لإدارة الصراع أم بداية لإنتاج الحلول؟
مهند شحادة/ نبأ
أعاد دخول تعزيزات عسكرية أميركية إلى شرق سوريا قبل أيام طرح العديد من الأسئلة المتعلقة بواقع ومستقبل شرق نهر الفرات المنطقة ذات الأهمية الكبيرة على المستوى الاقتصادي والجيوسياسي لمجموع الأطراف الفاعلة في الصراع الدائر في البلاد، إلى جانب فتح أبواب التكهنات حول التفاهمات المُبرمة بين تلك الاطراف، لا سيما وأن التحرك الأميركي الأخير تزامن مع إعلان موسكو فتح طريق حلب/ القامشلي (m4) الذي يربط مناطق غرب النهر بشرقه بعد الاتفاق مع أنقرة.
حواس خليل القيادي في حركة “الإصلاح الكردية” والعضو في “هيئة التفاوض” اعتبر أن محاولة استقراء المعطيات السياسية والميدانية شرق نهر الفرات صعب للغاية لأنها منطقة شديدة التعقيد، مضيفًا في حديثه لمؤسسة نبأ الإعلامية “التحرك الأميركي الأخير ربما يأتي في سياق رؤية واشنطن لمصالحها ضمن خارطة الصراع في سوريا المبنية على ثلاثة نقاط أساسية أولها محاربة الإرهاب ثم لجم النفوذ الإيراني المتصاعد من خلال إبعاد طهران عن طريق بغداد/ دمشق ذي الأهمية الاستراتيجية للأخيرة لأنه طريقها البري الوحيد للتمدد في المنطقة من العراق إلى سورية وصولًا إلى لبنان بالإضافة إلى إيجاد حل سياسي في سوريا استنادًا إلى القرارات الدولية ذات الصلة”.
ربما تؤشر المعطيات شرق نهر الفرات لنوع من التفاهمات المصلحية بين موسكو وواشنطن فيما يخص “ضبط” طهران واحتواء طوحات أنقرة الآخذة بإعادة إنتاج نفوذها في المنطقة وفق رؤية تتعدى مسائل حماية الأمن القومي التركي إلى رسم منطقة تمتد من شمال غرب سوريا وصولًا إلى الحدود العراقية تخضع بشكل كامل لإرادتها وفق مايراه العديد من المحللين السياسيين.
في هذا الجانب أكد خليل أن المعضلة الأساسية في سوريا عمومًا وشرق الفرات بشكل خاص تكمن في أن التفاهمات على حاضر ومستقبل البلاد تأتي عن طريق اللاعبين الإقليميين والدوليين وبمعزل عن إرادة السوريين، موضحًا “ربما هناك نوع من التفاهم المصلحي بين واشنطن وموسكو بهدف وضع خارطة طريق فيما يخص الوضع العام في سوريا بما فيه شرق الفرات ما قد يقود إلى دفع حقيقي للعملية السياسية بناء على القرار 2254، خاصةً في حال الأخذ بعين الاعتبار احتمالات دخول قانون قيصر حيز التنفيذ قريبًا وما يمكن أن يؤدي إليه من تداعيات”.
صراع المصالح المتواصل شرق نهر الفرات يسلط الضوء بشكل أو بآخر على قضية مستقبل بعض الأطراف الفاعلة في الملف السوري على رأسها إيران وتركيا، إلى جانب طرح التساؤلات عن طبيعة الأدوار التي من الممكن أن تلعبها بعض القوى المحلية الوكيلة للفاعلين الإقليميين، خاصةً مع ما رشح من معلومات عن اجتماعات حثيثة مؤخرُا بين مختلف الأحزاب والتشكيلات السياسية الكردية لبحث الرؤية -القديمة الجديدة- المتمثلة بأن تكون سوريا دولة لا مركزية بدعم أميركي/ فرنسي حسب ما نقلت بعض وسائل الإعلام.
خليل أكد ان الحوارات الكردية لا تعمل على بلورة رؤى ضد إرادة أي طرف من أطراف المعارضة السورية وكذلك ليست موجهة للنيل من دول الجوار وعلى رأسها تركيا على حد تعبيره، مضيفًا “بعيدًا عن مصالح القوى الخارجية تبدو فكرة الدولة الفيدرالية الحل الأنسب للحفاظ على وحدة سوريا وإيجاد هيكيلية مؤسساتية تضمن مشاركة فعالة لجميع مكونات الشعب السوري، إلى جانب أنها تضع حد لحالة الشرذمة التي تعيشها البلاد بعد أن جعلت سياسات النظام من سوريا أشبه بكانتونات منفصلة تخضع لسيطرة وحكم قوى مختلفة”.
طرح الفيدرالية أو نموذج يحظى به الكورد السوريون بنوع من الحكم الذاتي ليس جديدًا ومازال حتى اللحظة يُواجَه بعدم الموافقة من تيارات واسعة في الثورة والمعارضة إلى جانب رفض أنقرة لمثل هذه الرؤى، ما يجعل من معظم الأسئلة فيما يخص مستقبل شرق الفرات والقضية السورية معلقة بانتظار توافقات نهائية بين القوى الكبرى، الأمر الذي يبدو مؤجلًا إلى الآن على الأقل لا سيما وأن شرق البلاد هو خزان مصادر الطاقة الأضخم في سوريا.