كيف يمكن أن تتأقلم مع الأزمة المعيشية المفروضة؟
تُطرح يومياً في الشارع السوري العديد من التساؤلات حول إمكانية التعايش مع الأزمة المعيشية المفروضة في معظم المناطق السورية، لاسيما وأن الانهيار الاقتصادي على وشك أن يتحقق مع بدء تطبيق قانون “قيصر” بعد أيام.
التأقلم مع الأزمة لا يمكن أن يتحقق بجهود فردية، فالدول التي شهدت أزمات اقتصادية متشابهة، كانت حكوماتها تبحث دائماً عن حلول من شأنها تخفيف أعباء الأزمة على القطاعات الاقتصادية والسكان، لكن ذلك غير متاح في دولة تُعد حكومتها مسبّباً ومشاركاً في آن واحد في الأزمة.
العقوبات الاقتصادية التي من المتوقع أن تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية ضمن ما يُسمى “قانون قيصر”، تأتي استكمالاً للأزمة التي يعيشها السوريون منذ سنوات، وخاصة في المناطق التي سيطر عليها النظام خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأبرزها ريف دمشق ودرعا والقنيطرة وريفي حمص وحلب، حيث لا تتوفر فرص العمل وتدني أجور اليد العاملة والقيود المفروضة على محال الصرافة وغيرها من الأجراءات التي حدّت من نشاطات السكان وتجارتهم وتنقّلهم بين المناطق
ويتحدث “أحمد الحريري” معلّم في مدرسة حكومية في درعا: “الوسائل المتاحة للمواطن السوري للعيش في الظروف الحالية، محدودة جداً وجميعها تصب في منحى التقشّف والحد من عملية الشراء حتى تقتصر على المواد الأساسية فقط، فجميع أشكال “الرفاهية” التي كان يعيشها البعض في الشراء والتنقّل، سوف تختفي بعد أيام”.
ويضيف الحريري: “للأسف ننظر للأزمة المعيشية على أنها ارتفاع في الأسعار وانهيار لليرة السورية، لكن لو دخلنا في التفاصيل أكثر لشاهدنا الأطفال الذين لم يعد بالإمكان شراء الملابس لهم أو أدوات الرفاهية لهم مثل الألعاب أو الحلويات، وهذا الأمر لن يشعر به إلا كل أب غير قادر على تأمين الخبز والاحتياجات الأساسية لعائلته”.
التقشّف الذي تحدث عنه “الحريري” هي سياسة يتبعها مئات الآلاف من السوريين لاعتبار أنها الحل الوحيد لإكمال الشهر بالراتب أو الأجر الذي يتقاضاه الموظّف والعامل، والكثير منهم وعلى الرغم من تقشّفهم في الشراء إلا أنهم يضطرون للاستدانة في الأيام الأخيرة من الشهر.
وعن خيارات السكان في الأزمة الراهنة، قال “عبد القادر أبو سعود” أحد سكان بلدة بريقة بريف القنيطرة: “صراحةً، كل عائلة لا يوجد منها فرد مغترب يُرسل لذويه مبلغ مالي شهري، سوف تعيش أسوأ الظروف في الوقت الحالي لأن الموظف أو صاحب العمل الخاص لا يُمكن أن يتدبّر مع عائلته بملغ 50 ألف أو حتى 100 ألف ليرة سورية (أي ما يعادل 30 – 40 دولار أمريكي)”.
وشدّد أبو سعود، على أن الفئة الوحيدة التي من الممكن أن تساعد في تخفيف وقع الأزمة الاقتصادية على جزء من السكان في سوريا، هم المغتربون، حيث أنه كل شخص سواء في دول الخليج أو أوروبا يجب أن يُرسل لذويه أو أقاربه، خصوصاً أن أي مبلغ صغير من العملة الأجنبية يساوي مبلغاً كبيراً في العملة السورية.
وتواصل الليرة السورية انهيارها أمام الدولار الأمريكي، مسجلة 2700 ليرة للدولار الواحد، الأمر الذي أشعل أزمة كبيرة في الأسواق المحلية ممثلاً بارتفاع الأسعار وإغلاق معظم المحال التجارية واحتكار بعض التجار للبضائع.