التقارير

بالصور والأسماء.. إيران تؤسس مشاريع اقتصادية لتثبيت نفوذها جنوب سوريا (تقرير)

نبأ تكشف عن مشاريع إيران الاقتصادية جنوب سوريا

موسى الأحمد، جواد المسالمة/ نبأ

شكل سقوط الجنوب السوري في آب/ 2018 بيد النظام وحلفائه الروس والإيرانيين مدخلًا لإنعاش “طموحات” طهران بالتمدد في المنطقة وتوسيع رقعة نفوذها في البلاد، فعملت على تجنيد العديد من أبناء الجنوب في صفوف ميليشياتها، وركزت قواعدها في عدد من المناطق الاستراتيجية على طول ريفي درعا والقنيطرة لا سيما بالقرب من الشريط الفاصل مع الجولان المحتل.

اعتمدت إيران في سياستها للتمدد في جنوب سوريا على المقامات والمواقع الدينية ذات المكانة الرمزية في ذهنية أبناء المذهب الشيعي كذريعة لتمرير أطماعها السياسية، فزعمت أن قواعدها العسكرية موجودة في هذه المنطقة أو تلك لحماية “المزارات/ الحسينيات” وفق المنطق الإيراني، في حين أن الوقائع الميدانية تثبت أن طهران عملت ولا زالت على إحداث تغيير اجتماعي في بنية المنطقة من خلال الدعوة لاعتناق المذهب الشيعي إلى جانب اعتمادها على سكان المنطقة من “الشيعة”، وحصل المشروع الإيراني على دعم منقطع النظير من النظام السوري وأجهزته الأمنية.

استيطان ومشاريع اقتصادية

بداية المشاريع الإيرانية في جنوب سوريا بعد “السقوط” كان في بلدة كودنه بريف القنيطرة المحاذي للشريط الفاصل مع الجولان المحتل، حيث استولت ميليشيات طهران على الأراضي المحيطة بسد البلدة وأسست مشروعين استثماريين الأول بتحويل بحيرة السد إلى مزرعة أسماك، والثاني تحويل الأراضي المحيطة إلى مزرعة مواشي، إضافًة إلى تسوير المنطقة بمقرات “لحزب الله اللبناني” وميليشيات موالية لإيران بالتزامن مع إعادة سكان البلدة -وغالبيتهم من المذهب الشيعي- الذين كانوا هجروها بعد دخول الجيش الحر سابقًا في عام 2014، إلى جانب ترميم المواقع الدينية.

المعلومات التي جمعتها نبأ تشير أيضًا إلى استيلاء الميليشيات الإيرانية على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في بلدة “نامر” بريف درعا الشمالي للشروع في بناء مشاريع اقتصادية في المنطقة، وكذلك شهدت محافظة درعا عددًا من الاجتماعات في أيار/ مايو الماضي بين مدير الزراعة في المحافظة “عبد الفتاح الرحال” من جهة وكلًا من العقيد “عبد الهادي الربيعي” و”صادق صلاح” والاثنين من قيادات “الحشد الشعبي العراقي” إلى جانب ممثلين عن “حزب الله اللبناني” من جهة أخرى، حيث سلمهم الأول مخططات الأراضي الزراعية في منطقة حوض اليرموك غرب درعا للبدء في تأسيس مشاريع اقتصادية واجتماعية فيها.

رغم الحقائق التي تؤكد مدى تغلغل الإيرانيين في سوريا وخاصةً في الجنوب، إلا أن المشروع الإيراني لا زال يواجه العديد من الصعوبات على رأسها الثقافة الدينية والاجتماعية لأبناء المنطقة ذات الغالبية السنية الذين يحاولون وضع حد لأطماع طهران في مناطقهم إلا أنهم يفتقرون للأدوات والدعم الحقيقي مقابل أموال ضخمة تضخّها الأخيرة جنوب البلاد لإحداث تغييرات قيمية وضمان إنشاء حاضنة اجتماعية تحمي هذه المشاريع على المدى الطويل.

الأسد عراب التمدد الإيراني

تمدد إيران في سوريا قديم وحقق قفزة نوعية بعد العام 2003 عقب سقوط نظام صدام حسين في العراق، مستفيدةً من تشريع رأس النظام السوري الحالي الأبواب أمامها رغبةً من الأخير في مواجهة الضغوط المتزايدة  آنذاك، إلا أن مشاريع طهران تعرضت لضربة قاسمة مع اندلاع الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، لتعود للانتعاش من جديد بعد انحسار الثورة نتيجة التدخل العسكري المباشر من موسكو إلى جانب الأسد وطهران، فمن هي الشخصيات المرتبطة بالنظام والتي تشكل في الوقت الحالي جسر عبور لمشاريع الإيرانيين الاقتصادية والاجتماعية في البلاد؟.

خلال استقصائها لملامح المشروع الإيراني في جنوب سوريا توصلت نبأ إلى أن الشخص المسؤول عن تمويل معظم مشاريع طهران في المنطقة بالتنسيق المباشر مع الأجهزة الأمنية والعسكرية الإيرانية يدعى “خضر الطاهر” الملقب “أبو علي خضر” أو “الغوار” وينحدر من منطقة صافيتا بريف محافظة طرطوس.

ما جمعته نبأ من معلومات يشير إلى أن “الطاهر” يتزعم ميليشيا مسؤوليتها “إدارة” المعابر “التجارية” بين مناطق المعارضة والنظام بريف حلب بما فيه فرض الرسوم والإتاوات على حركة البضائع ذهاباً وإياباً من خلال تلك المعابر، إضافةً إلى تأسيس شركة “إيلا” للسياحة وشراكته في تأسيس شركتي “الياسمين للمقاولات” و”السورية للإدارة الفندقية” حيث يمتلك 90 بالمئة من أسهم الأولى وأكثر من 56 بالمئة من أسهم الثانية.

علمت نبأ أيضًا أن الطاهر يدير شركة “القلعة للحراسة والحماية الأمنية” التي تأسست في العام 2017 ومهمتها حماية المنشآت الاقتصادية لا سيما قي قطاعات الطاقة والنفط إلى جانب تأمين قوافل السياحة الدينية وحركة البضائع التجارية، في حين أسس في العام 2019 شركة “إيما تل” وافتتح أول مراكزها في منطقة المزة بالعاصمة دمشق.

الطاهر يحظى بحماية من أعلى رأس هرم السلطة في النظام السوري وما يؤكد ذلك اضطرار وزير الداخلية في حكومة الأسد “محمد خالد رحمون” على التراجع عن القرار الصادر بتاريخ 21/ شباط فبراير من العام الماضي والذي يحظر على الأجهزة التابعة للوزارة التعامل أو الاتصال بـ الطاهر، والحاقة بعد نحو أسبوعين بقرار جديد يبطل مفعول الأول.

المعلومات التي حصلت عليها نبأ من مصادر متقاطعة تؤكد بأنه إلى جانب الطاهر كمسؤول عن تمويل المشاريع الإيرانية، هناك مسؤول أو مدير تنفيذي وهو “أبو علي الحراكي” لبناني الجنسية ويشغل منصب مسؤول المكتب السياسي “لحزب الله اللبناني” في جنوب سوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى