أحد أبرز أذرع النظام.. تعرّف على “مصطفى الكسم” قبل وبعد تسوية الجنوب
أعادت صورة الشاب “محمود موسى السرحان” بعد خروجه من فرع الأمن العسكري بمدينة درعا جنوب البلاد، تسليط الضوء على مسألة التعذيب داخل سجون النظام السوري، إلى جانب طرح العديد من الأسئلة عن جدوى اتفاقات التسوية وجدية الضامن الروسي خاصةً وأن السرحان اعتقل وسُلم للفرع الأمني بواسطة شخصيات قيادية في فصائل المعارضة سابقًا وباتت الآن “أجيرة” لأجهزة الأسد وحلفائه.
بحسب المعلومات المتوفرة لمؤسسة نبأ فإن السرحان المنحدر من مخيم مدينة درعا، اعتقل يوم الجمعة الماضي على حاجز المشفى الوطني الخاضع لسيطرة إحدى مجموعات المعارضة سابقاً بقيادة “شادي بجبوج” والتابعة حالياً للأمن العسكري ليُصار إلى تسليمه للمدعو “مصطفى المسالمة” الملقب بـ “الكسم” الذي يعمل بدوره لذات الفرع الأمني، حيث سلم الأخير “السرحان” إلى الفرع في حي المطار بالمدينة.
مصادر نبأ أشارت إلى أن “السرحان” اعتقل لمدة عشر ساعات داخل الأمن العسكري بمدينة درعا، وأُفرج عنه بعد تهديدات من داخل المخيم “للكسم” ومشغليه بتنفيذ عمليات ضد نقاط تابعة للنظام السوري في مركز مدينة درعا، موضحةً أن الأول عسكري منشق عن النظام وباعتقاله حاول الكسم اثبات الولاء المطلق للنظام، ومن جهةٍ أخرى تدعيم أوهامه بقدرته على السيطرة وإشاعة الرعب بين أهالي المدينة.
الكسم ما بعد اتفاق التسوية
يُعتبر الكسم الذي كان قياديًا لإحدى كتائب الجيش الحر سابقًا من أوائل الشخصيات التي التحقت بالنظام السوري بعد اتفاق التسوية في آب/ أغسطس 2018، وأول مهامه لإثبات الولاء تمثلت بتسليم مستودعات الأسلحة والذخيرة داخل مدينة درعا والسهول المحيطة بها إلى قوات النظام.
حصلت نبأ على العديد من المعلومات فيما يخص الانتهاكات التي ارتكبها -وما يزال- الكسم بحق أهالي درعا من المدنيين والثوار السابقين، منها اعتقال ثلاثة شبان وتعذيبهم حتى الموت على طريقة هوليوود كإلقاء أحدهم من الطابق الثالث، وفسخ قدمي آخر، وإخراج أحشاء الثالث، قبل التمثيل بجثثهم ورميها على الطريق العام
المصادر ذكرت أن هذه الواقعة التي حدثت في التاسع من كانون الثاني/ يناير الماضي كانت انتقامٌا لمقتل شقيق الكسم الذي يدعى وسام المسالمة “العجلوقة” على أيدي مجهولين في المدينة قبل شهر من إعدامه للشبان الثلاثة.
كثيرة هي الدلائل على الجرائم المرتكبة على يدي “الكسم” وحصلت نبأ على معلومات تفيد بدوره المباشر باعتقال “فارس أديب البيدر” القيادي الميداني في “ألوية العمري” سابقًا وتسليمه لفرع الأمن العسكري منذ عام ونصف ومازال مصيره مجهولًا حتى الآن، إضافةً لاعتقال عماد عياش، إلى جانب عمله بتجارة السلاح والمخدرات.
بالمقابل أكدت مصادر نبأ بأن الكسم تعرض للعديد من محاولات الاغتيال إلا أنها جميعًا باءت الفشل، وكان آخرها نهاية أيار/ مايو الماضي عندما انفجرت عبوة ناسفة مزروعة بسيارته بالقرب من منطقة السوق الشعبي بحي المطار في مدينة درعا، ليبدأ بعدها حملة اعتقالات طالت الكثير من شباب المنطقة.
من النظام إلى المعارضة ثم العودة إلى النظام
وفق معلومات نبأ فإن الكسم كان مع بداية الثورة في آذار/ مارس من العام 2011 مجندًا في جيش النظام السوري ومكان خدمته مدينة حمص حيث ذاع صيته في التشبيح ضد أهالي أحياء المدينة الثائرة آنذاك لدرجة أن الحاجز الذي كان نقطة خدمته سُمي “بالدرعاوي” نسبة له، قبل أن يعود مع بدايات عام 2012 إلى مدينة درعا من خلال إجازة مؤقتة عن الخدمة.
المصادر أشارت إلى أن “موسى الأحمد المسالمة” قائد كتيبة “المنصور” التابعة للجيش الحر في ذلك الوقت اعتقل شقيق الكسم لإجبار الأخير على الانشقاق، خاصةً وأن عدد كبير من شباب العائلة انخرط في صفوف الثورة وهو ما حدث، مع التشديد على أن انشقاقه كان إجبارًا لا سيما مع الأخذ بعين الاعتبار بأن والده كان من أشد المعارضين لانشقاقه.
بدأت بعد ذلك رحلة الكسم خلال الثورة حيث انضم لكتيبة “المنصور” بحي طريق السد في درعا قبل أن يُشكل كتيبة “أحفاد خالد بن الوليد” ضمن “لواء توحيد الجنوب” بدعم من شقيقه وسام المسالمة، ومن ثم تحولت الكتيبة إلى “اللواء 18 مشاة” التابع “لفوج المدفعية الأول” في “الجبهة الجنوبية”، ومنذ ذلك الحين كان معروف عن الكسم تورطه في عمليات تجارة الأسلحة والمخدرات إلى جانب فتحه خطوط اتصال مع أجهزة النظام الأمنية، قبل أن يعود كما نوهنا سابقًا إلى صفوف النظام مع سقوط الجنوب في آب/ أغسطس من العام 2018.
هذه المعطيات تسلط الضوء على وجه أخر للثورة حين ابتُليت بسماسرة مجرمين كانوا أدوات تنفيذية لمشاريع النظام وحلفائه في قمع الشعب السوري وإنهاء آماله بتغيير من جثم على صدور السوريين لأكثر من خمسين عام، ومن جهة أخرى يحاولون طمس حقائق الرواية التي تشير إلى عظمة تضحيات العقد الأخير في سبيل فكرة وطنٍ يرتكز على الحرية والكرامة.