التقارير

أزمة ريف درعا الغربي: إلى أي مدى قد تتطوّر الأحداث؟

الضبابية تسيطر على واقع المفاوضات المستمرة بين وفدي اللجنة المركزية والفرقة الرابعة بدرعا دون إعلان رسمي أو شبه رسمي من الطرفين حول التوصّل لاتفاق يحول دون التصعيد العسكري.

وإلى أن تتوضح نتائج الاجتماع المقرّر أن يجري اليوم السبت بين الطرفين، يخشى السكان من هجوم محتمل للفرقة الرابعة يستهدف بلدة طفس ومحيطها (غرب) في ظل استمرار توافد التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.

وبحسب مصادر محلية فإن عدد من الآليات العسكرية والحافلات التي تقل عناصر للنظام، وصلت أمس إلى ضاحية درعا وموقع جامعة المزيريب الذي تتمركز فيه قوات الفرقة، كما تنتشر عدد من الدبابات والعربات المجنزرة في محيط طفس.

وبالرغم من أن طفس ليست المنطقة الوحيدة التي تشهد تصعيداً عسكرياً منذ اتفاقية التسوية عام 2018، إذ سبقتها مدينة الصنمين (شمال) وبلدة الكرك الشرقي (شرق) ومناطق أخرى، إلا أن أزمة الريف الغربي أخذت صدى واسع.

فإلى أي مدى قد تتطور الأحداث؟ وكيف سيكون صداها في أرجاء المحافظة؟

يرى المحلل السياسي محمد الزعبي، أن الأحداث الجارية غرب درعا لن تؤدي إلى تفجّر الأوضاع بشكل يؤدي إلى خروجها عن السيطرة الكاملة أو تعيد المنطقة إلى ما كانت عليه قبل اتفاقية التسوية.

وأشار الزعبي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن أي خطوة للنظام نحو التصعيد العسكري سوف يُقابلها ردود فعل من المقاتلين المحليين سوف تتسبب بخسائر كبيرة في صفوف قواته.

وحول موقف الفصائل والمجموعات (المعارضين السابقين) التي ارتبطت بالنظام أو روسيا عقب اتفاقية التسوية، يقول الزعبي “لا أتوقع أن تغيّر هذه المجموعات موقفها بارتباطها مع النظام أو حلفاؤه إذا ما استمر الأخير بالتصعيد في غرب درعا، إنما قد يقتصر ذلك على بعض أفراد المجموعات ولكن ليس بشكل كبير”.

الصحفي ياسر الرحيل، استبعد أيضاً أي تغيّر حاسم في موقف المجموعات من ارتباطها مع النظام وروسيا، إلا أن بعضها يقوم بدور وساطة مثل “اللواء الثامن” المدعوم من روسيا، لمنع التصعيد ومحاولة إيجاد حلول بديلة بسبب “تخوّف الأخير من اتفاقات تسوية جديدة مختلفة عن التي حصلت عام 2018 لوجود الفرقة الرابعة كطرف رئيسي في عملية التفاوض وهي المدعومة من إيران”.

اللواء الثامن هو فصيل “شباب السنة” (إبان سيطرة المعارضة على درعا)، ارتبط بروسيا حتى أُطلق على قائده أحمد العودة، وصف “رجل روسيا في الجنوب”، كما انضوت فصائل ومجموعات أخرى تحت النظام بانتمائها للأفرع الأمنية والفرقة الرابعة وميليشيات أجنبية بعد سيطرتها على المحافظة في آب (أغسطس) عام 2018.

“الواقع يشير إلى تغلغل الميليشيات الأجنبية في جنوب سوريا وهو ما يزيد من صعوبة ردعها عن أي تصعيد عسكري في الوقت الحالي أو في المستقبل القريب، لكن لا شك أن للحراك السلمي وبعض العمليات العسكرية المحدودة لها أهميتها وأثرها الإيجابي على صعيد أي عملية تفاوض”.

ويشير الصحفي الرحيل إن الأهالي يتخوفون بشكل كبير من عودة الحرب إلى مناطقهم وهو ما يعني لهم القتل والنزوح والمعاناة، خاصة وأن المنطقة لم تتعافى حتى الآن من سنوات الحرب الماضية وما تزال تشهد عمليات اغتيال شبه يومية، وإلى جانب ذلك “يرفضون أيضاً الخطر الإيراني والتهجير وملاحقة المعارضين والمطلوبين للخدمة العسكرية”.

لافتات كُتب عليها “لا للحرب” رفعها سكان في مناطق مختلفة بدرعا بينها بلدة طفس أمس الجمعة، للمطالبة بتجنيب مناطقهم التصعيد العسكري.

وقالت مصادر أهلية إن نحو 10 آلاف مدني نزحوا عن بلدة طفس، أي ما يقارب ثلث سكان البلدة، إلى مناطق أخرى من بينها مدن درعا وداعل والشيخ مسكين تخوّفاً من هجوم النظام المحتمل.

ويرى المحلل الزعبي أن “المقاومة هي السبيل الوحيد الذي يمكن أن يردع النظام”. وأضاف “يجب الابتعاد عن معارك الحرب المفتوحة لأنها تصب في صالح النظام لتفوّقه بالسلاح والأعداد والتغطية الجوية، والبديل عن ذلك هو حرب العصابات باستهداف ضباط ومواقع مهمة وهو أقل ضرراً على الأهالي”.
ويختم بالقول “المنطقة لها موقع جيوسياسي مهم جداً لاستقرار الإقليم وهذا يجب أخذه بعين الاعتبار والاستفادة منه في كبح تغلغل النظام والميليشيات الإيرانية في المنطقة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى