التقارير

في ذكراها العاشرة – ماذا لو استمرت الثورة السورية بسلميّتها؟

كان هتاف “سلمية سلمية” يُردّد كثيراً على لسان المتظاهرين المعارضين في سوريا خلال الأسابيع الأولى من الثورة عام 2011، عندما كانت تلاحقهم رصاصات قوات الأمن وقنابل الغاز المسيّلة للدموع.

لم تراعي قوات الأمن منذ المظاهرة الأولى في درعا (آذار/مارس 2011) شعارات السلمية وكشف المتظاهرين عن صدورهم في إشارة لعدم حوزتهم للسلاح، فقتلت شخصين في اليوم الأول وهو ما تكرّر لاحقاً في مناطق كثيرة في سوريا.

فئة من السوريين تبنّت السلمية كشعار ومنهجاً في حراكهم المناهض للنظام فكانت عبارة “لا لحمل السلاح ونعم لسلمية الثورة” عهداً مرتبطاً بحتمية نجاح الثورة وعدم انجرار البلاد إلى مستنقع العنف حيث لا رجوع، على حدّ وصفهم.

الربع الأخير من عام 2011 كان نهاية مرحلة وبداية أخرى حيث بات يُسمع بـ “تسليح الثورة” للدفاع عن المتظاهرين في وجه القوة الأمنية التي أخذت عملياتها بالتصاعد في التصدي للمعارضين بالقتل والاعتقال، في هذه الأثناء كان البعض يحذّر من هذا الاتجاه ويسعى للحفاظ على السلمية لتحقيق المطالب.

من هنا بدأ المفترق بين منادياً بالسلمية وآخر مطالباً بالدفاع عن النفس بحمل السلاح، ومع نهاية السنة العاشرة من الثورة ما تزال تتردّد إلى مسامعنا تساؤلات “ماذا لو استمرت الثورة السورية بسلميّتها؟”.

بهذا السؤال توجّهنا إلى الصحفي عدنان الطالب، المقيم في لبنان فأجاب: “لو استمرت الثورة بسلميتها لكان مجلس الشعب الآن يناقش الدستور الجديد في عهد أول رئيس شرعي منتخب بعد بشار الأسد”.

“التسلّح جعل المجتمع الدولي مخيّراً بين نظام فاشي لكنه قائم ومن الممكن التحاور معه، وجماعات مسلحة متعددة التوجهات ومتنازعة لا يمكن الحوار معها، وهذا ما شجّع روسيا على التدخل.

المطالبات التي نادت بالحفاظ على السلمية بعد أشهر من القمع قابلها كثيرون بالاستنكار على أصحابها الذين كان بعضهم يقيمون خارج سوريا، ووُصفت مطالباتهم بـ “البعيدة عن الواقع”.

الدخول في الصراع المسلح كان أمراً حتمياً بحسب مراقبين نظراً للاستخدام المفرط للقوة من قبل النظام في مواجهة المظاهرات المطالبة بالحرية وإسقاط رأس النظام بشار الأسد.

كما أن معارضين داخل سوريا وخارجها كانوا يشجّعون على الدفاع عن النفس والتصدي لقوات النظام وهو ما ساندته أطراف إقليمية عدة بالدعم العسكري والمالي فيما بعد.

يقول ناصر سابا وهو مستشار قانوني ودكتور في القانون الدولي في جامعة السوربون بفرنسا: “الثورة ضد هذا النظام لا يمكن أن تبقى سلمية والاستمرار فيها هو ضرب من الخيال”

يضيف “الثورة يتحكّم فيها رد الفعل وليس الفعل المنظّم وهذا ما كان يتطلّع له النظام بجر المتظاهرين السلميين إلى الرد بالسلاح وللأسف بعض الدول العربية والأجنبية كانت ضمن هذا الفخ فأسرت الفصائل بسلاحها الذي كان بالحد الأدنى من القوة”.

الانتقال من السلمية إلى التسلّح ظناً بتكرار السيناريو الليبي لإسقاط النظام، كان بداية السقوط في الفخ، بحسب مراقبين، ابتداءً من إحداث انقسام في صفوف المعارضة حتى امتلاك قرارهم عبر وضع الخطوط الحمر أمام عشرات المعارك التي كان من الممكن أن تُحدث تغييراً مفصلياً في خارطة السيطرة ومن لا يلتزم يُقطع عنه السلاح.

ويشير الدكتور سابا إلى أن فوضى القيادات التي كانت مسيطرة على الساحة السورية هي المشكلة الأساسية. “التنظيمات والقيادة الفطرية والعفوية التي سادت في الفترة الأولى صنعت فوضى تعزّزت مع دخول السلاح ومن خلفه الدول وبعضها الصديقة، فالحالة السورية كانت بحاجة ماسّة لقيادة موحّدة”.

“غرف العمليات العسكري التي أنشأتها الدول لتنسيق الدعم العسكري (الموك والموم) كانت أكثر من مدمّرة ووصمة عار على من شجّع عليها من المعارضين في الخارج، فخلاصنا ليس بيد الأجنبي”.

باسل الغزاوي| نبأ 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى