مجتمع

الحوالات المالية – هل باتت شريان الحياة الوحيد للسوريين؟

نبأ| لجين المليحان

عقد كامل على الحرب في سوريا، تغيّرت فيه ملامح الاقتصاد وتبدّلت أحوال معظم السوريين، خسائر كبيرة طالت جميع القطاعات وهدمت كل شيء، أزمات متتالية جعلت أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر (أكجمال ماجتيموفا ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا).

ونظراً لانعدام فرص العمل وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي أصبح من الصعب العيش مع الأزمة الراهنة بالاعتماد على المساعدات أو على الدخل المحدود.

الحوالات المالية من المغتربين ﺇﻟﻰ  ذويهم في سوريا أصبحت ﺷﺮﻳﺎﻥ الحياة لآلاف العائلات وبالنسبة لكثيرين فإنها تعتبر السبيل الوحيد للعيش.

يقول آدم الحراكي (اسم مستعار) وهو ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻜﺘﺐ ﺣﻮﺍﻻﺕ ﻭﺻﺮﺍﻓﺔ في درعا، ﺇﻥ حوالات ﺍﻟﻤﻐﺘﺮﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﻋﺒﺮ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﺷﻬﺮﻳﺎً لعشرات ﺍﻟﻌﺎﺋﻼﺕ، ﺗُﻘﺪﺭ ﺑﻤﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﻠﻴﺮﺍﺕ، وتتراوح ﻗﻴﻤﺔ معظم الحوالات بين 100 ﺩﻭﻻﺭ و300.

ﻭأوضح الحراكي ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍلحوالات ﺗﺼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺘﺮﺑﻴﻦ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ أوروبا وأمريكا وكندا والخليج ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ، بالإضافة من ﺗﺮﻛﻴﺎ وﺍﻷﺭﺩﻥ”.

ويضيف “ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﺍﻟﻤﺤﻮّﻟﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺃﻭ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻓﻬﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ العائلة ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﻴﻦ الحد الأدنى من ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎتها، ﻓﻲ ﻇﻞ انعدام فرص ﺍﻟﻌﻤﻞ والمساعدات الإنسانية ﻭﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺩﺧﻞ ﺛﺎﺑﺘﺔ وكافية.

تساوي قيمة مبلغ 100 دولار بالليرة السورية، رواتب سبعة موظفين في قطاعات تابعة لحكومة النظام (التعليم والصحة). وبالحد الأدنى فإن العائلة تحتاج للعيش ﺇﻟﻰ 10 – 15 ﺃﻟﻒ ﻟﻴﺮﺓ ﺳﻮﺭﻳﺔ يومياً دون النظر إلى استهلاك مواد التدفئة أو حتى الأدوية.

وبحسب شهادات سكان في درعا فإن ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ما لا يقل عن 900 ﺃﻟﻒ ﻟﻴﺮﺓ ﺷﻬﺮﻳﺎً، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﺩﻝ 200 ﺩﻭﻻﺭ أميركي.

تقول زهرة الصبّاح من ريف درعا: “ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ أعمل كمعلمة في مدرسة ابتدائية، ﻟﻜﻦ بسبب موقفي من النظام والمشاركة في بعض المظاهرات، فُصلت من وظيفتي دون أي تبرير وحُرمت من حقوقي وهو ما أفقدني مصدر دخلي.

وعن مصدر الدخل لعائلتها في الوقت الحالي، تعتمد الصبّاح على ابنها الأكبر الذي هاجر إلى دولة السويد عام 2016، إذ ﻳﺮﺳﻞ لها 1500 كرون ﺷﻬﺮﻳﺎً (170 دولار).

يشير الشاب أمير القاسم من بلدة كناكر بريف دمشق إلى أن بعض مكاتب الحوالات والتصريف تستغل الأهالي لعدم وجود طُرق أخرى لاستلام الحوالات، فيتم خصم أجور عالية نسبياً. “عند التسليم بالليرة السورية يُخصم ما لا يقل عن 40 ألف ليرة لكل 100 دولار، أما بالعملة الأجنبية يُخصم بنسبة 7 – 11 بالمئة من المبلغ”.

على الجانب الآخر تعيش آلاف العائلات معتمدة على الدخل المحلي سواء العاملين في القطاع الحكومي أو الخاص، والتي تتراوح بين 50 – 150 ألف ليرة في الشهر.

تقول نور المحمد وهي موظّفة في مستوصف طبي غرب درعا: “أتقاضى 65 ألف ليرة كراتب شهري ولا أستطيع شراء كل حاجياتي بسبب الغلاء الفاحش، وزوجي عامل بناء ليس لديه دخل ثابت”

وذكرت أن لديها أربعة أطفال ولم تعد قادرة مع زوجها على تأمين كافة متطلباتهم. “إذا كان لتر الزيت الواحد 12500 ليرة وكيلو السكر3000  ليرة، فماذا تبقّى من الراتب حتى نهاية الشهر؟”

وتصدرت ﺳﻮﺭﻳﺎ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ في قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم بنسبة 82.5 بالمئة ﺑﺤﺴﺐ ﺑﻴﺎﻧﺎﺕ ﻣﻮﻗﻊ “World By Map” ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ في شباط (فبراير) من العام الماضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى