مجتمع

“يوم الفرح” يبدأ بالجاهة وينتهي بالزّفة – تعرّف على العرس الحوراني القديم

نبأ| صهيب المقداد

يعطي الفن والغناء الشعبي في حوران المناسبة والفرح الحوراني مظاهر البهجة والسرور والفرح، كما تعطيه مظاهر القوة والعزة المستمدة من كلماته وطريقة أداءه، فلكل مناسبة كلمات وأغاني شعبية يرددها الأهل ابتهاجًا وفرحاً.

يبدأ الفرح في حوران بالجاهة وينتهي بالزفة، لتبدأ بعد الجاهة التجهيزات ليوم الفرح والذي كان قديما يمتد لنحو سبعة أيام مع يوم الزفاف، تتضمن أمسيات من الشعر الشعبي والعزف على الربابة وتأدية الدحية والحاشي وغيرها من التراث الشعبي، وقد يختلف العرس الحوراني في بعض تفاصيله بين مدن وبلدات الريف الشرقي والغربي، غير أن الشكل العام هو واحد، وفي وقتنا الحاضر اختُصر حفل الزفاف بيومين، الأول فيه “الحناء”، والثاني الزفاف.

ليلة الحناء

من أهم أجزاء الفرح الحوراني التي لا تزال قائمة إلى اليوم، هي ليلة الحناء والتي تقام قبل الزفاف بيوم، وتسمى ليلة الحناء عند العروس بحفلة الوداع وعند العريس بسهرة الشباب، حيث يقوم أهل العرس بدعوة الأقارب والتجهيز للفرح ولليلة الحناء، فيتم تجهيز الأضواء والضيافة كالقهوة.

يتم تجهيز الحناء قبل بيوم ويتم وضعها في سدر خاص وتزيينها بالورود وعلى دائر السدر توضع الشموع ليرسموا بها على أيدي العرسان.

تبدأ ليلة الحناء بالدبكة أو السحجة والجوفية يتخللها رقصات كالحاشي وإلقاء الشعر، وفي نهاية الحفلة تبدأ طقوس الحناء، ليقترب بعض الشباب من العريس ويزينوا يديه بالحناء المعدة خصيصا لهذا الغرض، ويبدؤون بالغناء:

حنيت إيديا ولا حنيت أصابيعي.. يا محلا النومة بحضين المرابيع

حنيت ايديا ولا حنيت كفات.. يا محلا النوم بحضين البنياتِ

ومن أغاني ليلة الحناء عند العريس:

يا مسهرات الليالي…ما مر عليكن غزالي

كل من غزاله بحضينه.. واني غزالي جفاني

وانت غزالك يا فلان.. مكيل بروس الجبالي

والزين يا محلا الزين.. بروس الجبال دعجنو

والشعر الأشقر المجدول.. دزوا لفلان يحله

والنساء عند العروس محتفلات، ويقمن بجبل الحناء ويغنين أثناء تحنية العروس:

سبل عيونه ومد إيده يحنونه.. غزال صغير وكيف أهله يخلونه

يمى ويا يمى شديلي مخداتي.. وطلعت من الدار وما ودعت خياتي

يمى ويا  يمى شديلي مناديلي.. وطلعت من الدار وما ودعت جيلي


الزفاف

-حمام العريس

يوم الزفاف يبدأ بحمام العريس، وعادة ما يقوم أحد أصحاب العريس بدعوته في منزله للحمّام والحلاقة، فيحممون العريس ويلبسونه ملابسه وهم يغنون له:

يا عويد الزيزفون لبسوك ما لبسوني

علموك لبس القميص يا فلان وما علموني

علموك لبس الجوكيت يا فلان وما علموني

-زفة العريس

الزفة تكون بعد خروج العريس من الحمّام ليذهب بعدها إلى دار “خال” العروس ليأخذها لمنزله، وقد جرت العادة أن تخرج العروس من بيت خالها إكرامًا للخال، أو في بيت والدها بشرط أن يُخرجها خالها، وفي الزفة يكون “الحداء” هو الفن الحاضر طوال الزفة سيرًا على الأقدام، الرجال من الأمام وخلفهم النساء والأطفال، والعريس على ظهر الخيل (قديما).

-تجلاية العروس

تقوم النساء بتجهيز العروس وإظهارها كالملكة قبل خروجها إلى منزل العريس، فتقوم إحدى النساء الكبيرات في السن برفع أيدي العروس وشبك الأصابع مع بعضها البعض وتضع يدي العروس على رأسها، ويكون وجه العروس نحو القبلة، وتترافق مع الضرب بالدف، وتغني النساء:

شيلوا معاصمها.. صلوا على النبي

فاطمة الزهراء.. جلوها لعلي

عليها من الياقوت.. حملين وأكثري

عليها قضا موسة.. وخلعة محمد

أو:

جلو العاروس جلوها.. لا تستحوا من أبوها

أبوها شيخ الدولة.. وابن عيلة وحمولة

-الفاردة والهودج

والفاردة تحمل العروس إلى دار زوجها، وقد كانت العروس قديما تحمل على ظهر الجمل في “هودج” مزين بالسجاد والصوف والحرير وتخرج العروس بـ “الزغاريت والهولية والمهاها”، وقد تزف العروس على ظهر الخيل ويقوده أخيها أو أحد أفراد العائلة.

ويبقى بين الماضي والحاضر اختلاف كما بين القرية والقرية بعض الفروق أيضًا، ومن ضرائب التقدم في الزمن ضياع عادات وتقاليد جميلة، فاليوم هناك من يلجأ إلى حمّام السوق بدلا من بيت الصديق واستبدلت زفة الحداء والمشي على الأقدام بالسيارات. ولكن يبقى التراث مفضّلاً عند الكثيرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى