مجتمع

على أمل “لم الشمل”.. العائلات في درعا تودع أبناءها في موجة هجرة جديدة إلى أوروبا

خلال الشهر الأخير غادر ما لا يقل عن ألف شخص من مناطق جنوب سوريا بسبب تصاعد الأزمة المعيشية واستمرار تدهور الأوضاع الأمنية في درعا خصوصاً رغم انتهاء ملف التسويات الذي أشرفت عليه روسيا وشمل معظم مدن وبلدات المحافظة.

نبأ| درعا

يستعد أحمد أبازيد (اسم مستعار) للانطلاق من درعا جنوب سوريا إلى أوروبا في رحلة لا تقل مسافتها عن 5 آلاف كيلو متر، تستغرق على الأقل مدة أسبوعين إذا نجحت محاولة دخوله “غير الشرعية” إلى دول اللجوء.

يفصله مع مجموعة من أصدقائه عن موعد السفر أيام عدة، لا يكترث أحمد بما سيحمله معه لأن مصاعب الطريق لا تتيح له المجال بحمل أكثر من ملابسه الشخصية لأنهم قد يضطرون إلى المشي على الأقدام لمسافات طويلة لاجتياز الحدود إلى بولندا ومن ثم إلى ألمانيا.

يقول أحمد وهو أحد سكان مدينة درعا: “يوماً بعد يوم تزداد صعوبة اجتياز الحدود في أوروبا بسبب إحكام المراقبة عليها، هذا ما نسمعه مع الأشخاص الذين سبقونا في الطريق، لكن ذلك لن يغيّر من قرارنا في الهجرة”.

يضيف قائلاً: “الشيء الوحيد الذي يشغل تفكيري الآن هو زوجتي وطفليّ الاثنين، لا أعلم المدة التي سوف أتركهم فيها لكن أملي الوحيد هو أن أصل إلى وجهتي وأن لا يتأخر ملف “لم الشمل”.

خلال الشهر الأخير غادر ما لا يقل عن ألف شخص من مناطق جنوب سوريا بسبب تصاعد الأزمة المعيشية واستمرار تدهور الأوضاع الأمنية في درعا خصوصاً رغم انتهاء ملف التسويات الذي أشرفت عليه روسيا وشمل معظم مدن وبلدات المحافظة.

يعتمد معظم المهاجرين على الطريق التي تبدأ بالسفر جواً إلى بيلاروسيا ثم عبور الحدود برّاً إلى بولندا وصولاً إلى ألمانيا والدول الأخرى، جزء من المسافة وخاصة منها المارة عبر الحدود تكمن خطورتها في المشي على الأقدام عبر الغابات مع احتمالية توقيفهم من القوات البولندية التي تسعى جاهدة إلى منع تدفق اللاجئين عبر أراضيها إلى الدول الأوروبية الأخرى.

هموم على طريق الهجرة

بسبب خطورة الرحلة إلى أوروبا يضطر الشبان إلى ترك أُسرهم في سوريا، الأمر الذي يُعد أحد أكبر الهموم التي يحملها اللاجئ وترافقه حتى بعد وصوله إلى وجهته، وكل ما يسعى له طيلة هذه الفترة هو الحصول على موافقة اللجوء والبدء بإجراءات ما يُعرف بـ “لم الشمل” لعائلته من سوريا.

يقول أحمد أبازيد: “بقاء عائلتي في درعا هو أكثر ما يقلقني الآن، يجب أن أحتاط من كل الجوانب حتى تبقى بخير”.

لكن ما الذي يجب أن يفعله لتأمين عائلته بعد مغادرته؟

أجاب بأنه ترك مبلغ 600 ألف ليرة سورية (ما يعادل نحو 250 دولار أمريكي)، ولدى زوجته قطعتين من الذهب كان قد اشتراهن لزوجته في زفافهما قبل سنوات، كما أوصى ببقائهم عند والدته.

العشرات من الشبان الذي هاجروا مؤخراً عبر طرق التهريب إلى أوروبا لم يتسنّى لهم ترك مبالغ مالية لعائلاتهم، كان أنهم استدانوا من أصدقائهم وأقاربهم لاستكمال تكلفة رحلة الهجرة.

يوضح محمد أبو أيهم من درعا، أن خيار الهجرة ليس بالأمر السهل وخصوصاً بعد سنوات من الأزمة المعيشية الصعبة، فكل شخص يحتاج إلى ما لا يقل عن 6 – 7 آلاف دولار أمريكي للهجرة من سوريا، وهذا يعني أن الكثير من الأشخاص ترتّب عليهم ديون كبيرة لاستكمال تكاليف الرحلة وعائلاتهم تعيش أسوأ الظروف.

يتابع قائلاً: “معظم الشبان الذين خرجوا مؤخراً كانوا يعانون من ظروف مادّية صعبة وهو ما أخّر خروجهم حتى الآن، لكن التطورات الأخيرة في درعا وعدم وجود مؤشرات لتحسن الوضع المعيشي، أجبرهم على الهجرة وإن كان بالاستدانة أو بيع ما لديه من ممتلكات حتى ذهب زوجته أو بناته.

“أعرف شخصاً يسكن في البناء المقابل لمنزلي، هاجر قبل نحو ثلاثة أسابيع تاركاً وراءه زوجة وثلاثة أطفال أحدهم لديه إعاقة في قدميه، اضطر لبيع سيارته التي كان يعمل عليها لتأمين تكلفة الطريق، لكنه زوجته وأطفاله اضطرا للانتقال إلى منزل أهلها بسبب عجزهم عن تأمين متطلباتهم.

ويسعى معظم المهاجرين الجدد الوصول إلى الدول التي تجري فيها عملية “لم الشمل” خلال فترة زمنية قصيرة (نحو سنة واحدة) وأبرزها هولندا، لكن مخاوفهم لا تفارقهم وأبرزها أن يطول ذلك لأكثر من عام أو عدم قدرتهم على الوصول إلى وجهتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى