“إهراءات روما”.. أرض الخير والسنابل تصارع الجوع والفقر في عهد الأسد
نبأ/ محمد الحمادي
لم يستطع قلب “أبو عبدالله” تحمّل الأسعار المحلقة في سماء الوطن الذي أصبح أقسى على أبنائه من بلاد الغربة مجتمعة، فتوقف على إثر أزمة قاسية، انتهت معها رحلة شقاء طويلة عجنت في عقدها الأخير بحرب لم تعرف البشرية لها مثيلا،ً طحنت الحجر قبل البشر.
قلب “أبو عبدالله” توقف عن النبض كما يقول الإعلامي “محمد خليل” لأن الأيام والشهور الأخيرة الماضية كانت أثقل على صدر الحاج السبعيني من البراميل المتفجرة، فما بجيبه لا يكفي ليسد رمق عائلته، كيف لا وثمن كيلو الشاي أصبح يعادل نصف راتب المعلم حديث التعيين.
فارق الرجل الحياة دون أن تتمكن أرضه الكبيرة من سد حاجته، كما كانت عند كل خطب، فالموسم الأخير تفحم كاملاً بفعل فاعل، هدفه إفقار الشعب وزيادة معاناته وربما معاقبته على مطلب الحرية التي لهجت بها الألسن في الساحات والأزقة.
فبين متهم للنظام بتسبب الكارثة وآخر ما زال موقفه رميَ مشاكلنا بظهر المؤامرة الكونية، ضاعت البلاد بين “حانا ومانا” وجاعت العباد بفعل أزمة لم تشهد لها سوريا مثيلا في أقسى المحن والحروب.
حوران اليوم لم تعد “أم اليتامى” كما عرفها التاريخ، ولم تعد “إهراءات روما” و”خزانات غذاء الجيش العثماني” فسهولها جرداء قاحلة، بفضل سياسات النظام التي قادت البلاد إلى الخراب والفقر لتحجز سوريا بسببها مكاناً في ذيل سلم الدول الأكثر فقراً بالعالم.
الشاب “سالم” الطالب الجامعي، أكد لنبأ أنه أُجبر على ترك دراسته من أجل العمل وإطعام عائلته، لكنه أشار إلى أنه يبحث عن فرصة بـ”السراج والفتيلة” في مكان أصبحت سمته الأساسية هي “البطالة”.
ولفت الشاب العشريني الذي تفتحَ وعيه مع حرب النظام على الشعب المطالب بالحرية، إلى أن مشاهد البحث في بقايا القمامة على فتات لقمة، باتت من الأمور المعتادة في “سوريا الأسد”، مؤكداً أن غالبية الشباب المتبقي في البلاد يفكرون جدياً ببيع أعضاءٍ من أجسادهم لمساعدة أهلهم أو لتأمين تكاليف الهروب من سوريا بحثاً عن لجوءٍ يحفظ للمرء جزءاً من كرامته.