التقارير

درعا: هل باءت نداءات الأطباء حول كورونا بالفشل؟ لماذا لم تلقى آذان صاغية؟

تتصاعد في العديد من المناطق بدرعا أعداد المصابين بالفيروس ما دفع الأطباء إلى التحذير من موجة جديدة قد تكون "الأعنف" وسط مخاوف من عدم قدرة المستشفيات على استيعاب الأعداد الجديدة

نبأ| ابراهيم العربي

“البعض يعتقد أنه إذا أدّى صلاة التراويح في المنزل كأنه لم يصلي وإذا لم يدعو أقاربه أو أصدقائه لمأدبة إفطار كأنه لم يؤدي واجبه وهنا تكمن المصيبة”

ما هو المطلوب حتى يلتزم الأهالي بتعليمات الأطباء للحدّ من انتشار فيروس كورونا؟، كما يسأل محمد زياد وهو صيدلاني في درعا. مضيفاً: “لا أعتقد أن هناك وسائل أخرى يمكننا القيام بها لإقناع الأهالي بأن هذا المرض خطير وقاتل ويجب عدم التهاون بممارساتهم وعاداتهم”

تتصاعد في العديد من المناطق بدرعا أعداد المصابين بالفيروس ما دفع الأطباء إلى التحذير من موجة جديدة قد تكون “الأعنف” وسط مخاوف من عدم قدرة المستشفيات على استيعاب الأعداد الجديدة.

لكن بالرغم من ذلك يصف المتحدث السابق الواقع في المحافظة “كأن شيئاً لم يكن” معظم السكان لا يلتزمون بالقواعد الصحية وحتى في كثير من الأحيان تصدف المصاب يمارس نشاطاته الاجتماعية دون أدنى احتياط لمنع انتقل العدوى إلى الآخرين.

يقول الطبيب يعرب الزعبي العامل في مستشفى بلدة المسيفرة (شرق)، إن السبب الرئيسي لعدم الالتزام هو قلة الوعي فالبعض يراه مرض بسيط كالرشح أو التهاب البلعوم فضلاً عن أن ذلك غير مقيّد بإجراءات إلزامية كما هو الحال عند باقي الدول التي واجهت الأزمة بخطة حكومية.

ويشير الزعبي إلى أن مستوى الإصابة آخذ بالتصاعد وخاصة في مدينة درعا ومناطق ريف درعا الشرقي في ظل عجز مركزي توليد الأوكسجين بدرعا عن سد حاجة المستشفيات والمراكز الطبية.

منذ بدء تفشي فيروس كورونا عمل أطباء في درعا على مبادرات للتوعية وتبيين مخاطر الفيروس بسبب غياب برامج التوعية الحكومية، ومنهم الطبيب الزعبي الذي خرج مرات عدة بمقاطع فيديو عبر صفحته الشخصية على موقع “فيس بوك” لحثّ الأهالي على الالتزام بالإجراءات الصحية.

ونشط متطوعون بينهم أطباء على حملات تهدف لتغيير طريقة تعامل العائلة والمحيط مع المصاب وتوعية المصاب ذاته بمخاطر عدم التزامه بالحجر الصحي وعدم مخالطة الآخرين، وذلك من خلال منشورات ورقية والمساجد وصفحات على موقع “فيس بوك”.

لكن هل كانت هذه الوسائل كافية لإيصال خطاب التوعية لكل فرد من المجتمع المحلي؟
يُجيب الطبيب محمد العبد الله من مستشفى مدينة بصرى الشام (شرق): “النداءات للأهالي كانت بالوسائل المتاحة لدينا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بما فيها مجموعات واتساب والمساجد والعيادات وأعتقد أنها وصلت إلا ما لا يقل عن 90 بالمئة من الأهالي في المحافظة”.

“للأسف الاستخفاف بالمرض هو أشبه بثقافة لدى مجتمعنا”

لكن ليست جميع النداءات باءت بالفشل فالعديد من المناطق وحتى على مستوى الأحياء اتخذت تدابير خاصة وفرضت إجراءات من شأنها الحد من انتقال العدوى كما هو الحال في مدينة بصرى الشام وبلدة معربة التي منعت فيها القوة العسكرية المحلية (الفيلق الخامس) مراسم العزاء والأعراس وحتى صلاة الجمعة والتراويح، بحسب الطبيب محمد.

بعض العائلات أصبحت تنظر للفيروس على  أنه مشكلة كبيرة ليس لخطورته فحسب بل لما يترتّب على المصاب من تكلفة قد تصل إلى 100 ألف ليرة سورية لشراء بعض المستلزمات الروتينية بالحد الأدنى من الصيدليات وهو ما يعادل راتب شهرين للعامل أو الموظف في الدوائر الحكومية في سوريا.

ويرى الطبيب زياد المحاميد من مدينة درعا إن حملات التوعية التي استهدفت شريحة واسعة من السكان وحتى الأطفال في المدارس كانت كافية واستطاع الأهالي معرفة المخاطر حول الفيروس لكن المشكلة تكمن في تطبيق التعليمات والالتزام بأبسط الإجراءات وهي الكمامة والتباعد.

يوضح الطبيب المحاميد أن الأشهر الأولى من انتشار الفيروس شهدت التزاماً شعبياً مقبول نوعاً ما والعديد من المناطق امتنعت عن بعض العادات التي يشارع فيها أعداد كبيرة، لكن ومع طول المدة الزمنية تراجع مستوى الالتزام حتى أن البعض أصبح يشعر بالملل ولم يعد مهتماً بالفيروس.

“الظروف الاقتصادية عاملاً رئيسياً في هذا الواقع السيء فهي من تجبر قسم كبير من السكان على الاستمرار في ممارسة أعمال تعرّض أصحابها لخطر الإصابة بالفيروس ولكن لا يمكن الاستغناء عنها لأنها السبيل الوحيد للعيش”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى