التقارير

فوز محقّق للأسد.. هل أصبحت الانتخابات النزيهة في سوريا حلم بعيد المنال؟

نبأ| عثمان جاد الله

كان مطلب إسقاط النظام الذي نادت فيه المظاهرات في سوريا على مدار  10 سنوات متلازماً مع المطالبة بانتخابات حرّة ونزيهة تسودها أجواء من المنافسة على صعيد رئاسة الجمهورية وحتى في انتخابات مجلس الشعب.

قبل العام 2011 كانت البلاد تسترق السمع لمصطلحات كان يراها كثيرون صعبة التحقق وبعيدة المنال كبعدها جغرافياً عن المنطقة – انتخابات نزيهة، حرة، شفافة – هي أقرب للحلم في ظل حكم الأسد الأب والابن منذ عقود دون منافس.

منذ تولي حافظ الأسد الحكم في سوريا بانقلاب عسكري وحتى عملية تعديل الدستور لتمكين نجله بشار من الحكم ومن ثم انتخابات عام 2007، لم تعرف البلاد شيئاً عن عملية الانتخاب سوى الرئيس المرشّح دون منافس ونسبة الـ 99 بالمئة كإعلان عن فوزه المحقق بالرئاسة.

ثورة آذار (مارس) عام 2011 جاءت بآمال غير مسبوقة لعيش تجربة “الانتخابات النزيهة” بعد رفع سقف المطالب لإسقاط النظام بعد أسابيع قليلة من اندلاعها.

الآمال نحو انتخابات 2014

على مدار ثلاث سنوات كان يترقّب السوريون المفاجأة التي قد تحدث في الانتخابات الرئاسية عام 2014 – الأولى بعد اندلاع الثورة – لكن شيئاً فشيئاً ومع اقتراب الموعد المقرّر لإجرائها بدأت تتبدّد التوقعات بالتغيير .

الموقف الدولي وعدم حسم السيطرة العسكرية لصالح المعارضة واحتفاظ النظام بالعاصمة دمشق كانت جميعها مؤشرات على استمرار حكم بشار الأسد لولاية ثالثة.

السابقة الأولى في الانتخابات كانت بوجود منافسين على كرسي الرئاسة لكن ذلك لم يتعدّى “تمثيلية” أشرفت عليها سلطات النظام والدائرة المقرّبة من الأسد لإيهام المجتمع الدولي بأنه استجاب للمطالب الشعبية وأن ما يجري في سوريا هي انتخابات نزيهة ومن يختاره الشعب سوف يفوز ويعني ذلك أن بشار قد يخسر وقد يفوز.

لكن بالنظر إلى المرشحين لرئاسة الجمهورية حينها (بشار الأسد وعضوان من مجلس الشعب) يتبيّن أن الأسد احتفظ بفوزه المحقّق دون منافس حقيقي.

ومع انقضاء الانتخابات في حزيران (يونيو) عام 2014 وبداية ولاية جديدة له اتجهت الأنظار نحو عام 2021 الجاري وعندها كانت الآمال أكبر عند فئة كبيرة من المعارضين لما قد تحمله السنوات السبع من تغيّرات على الصعيد العسكري والسياسي.

انتخابات 2021 – تبدّد الآمال

لم تأتي السنوات السبع الأخيرة بتسوية سياسية حقيقية في سوريا تُفضي إلى عدم إعادة ترشيح بشار الأسد نفسه في انتخابات 2021 فترشّحه يعني فوزه بشكل مؤكد.

حافظت الدول الإقليمية على مواقفها السياسية من النظام في سوريا ونتيجة للتقاربات وتسوية بعض الملفات بينها سمح ذلك لروسيا بإعادة تأهيل النظام من جديد برئيسه الحالي مع حسم السيطرة العسكرية لصالحه في أجزاء واسعة من سوريا بعد أن كان يسيطر على أقل من 15 بالمئة من مساحة البلاد قبل التدخل الروسي عام 2015.

لا يبدو أن هناك رغبة لدى المجتمع الدولي بتغيير رأس السلطة في سوريا وبالتالي الحفاظ على النظام بتركيبته السياسية والعسكرية وهو ما يخالف تطلّعات السوريين المعارضين الذي طمحوا لاختيار رئيسهم بأصواتهم لا بأن يُفرض عليهم.

يرى مراقبون أن الانتخابات الحالية لم تختلف كثيراً عن انتخابات 2014 بل إنها حافظت على السيناريو شكلاً ومضموناً لكنها تختلف بالمناخ السياسي فاليوم هناك رغبة ضمنية وبعضها علنية من دول عربية وأجنبية بإعادة تأهيل الأسد والدخول معه في تسوية سياسية قد تعيده شيئاً فشيئاً إلى المجتمع الدولي أو على الأقل العربي.

مع منافسين اثنين “شكلّيين” يدخل بشار الأسد انتخابات رئاسة الجمهورية لإشهار فوزه المحقّق بعد عملية تصويت أيضاً “شكلّية” بعد أيام من ما يُسمى “الأعراس الوطنية” التي حشد لها حزب البعث الحاكم وأجهزة المخابرات في مناطق مختلفة من سوريا بعضها كان باستقدام الموظفين والطلاب تحت التهديد.

وحتى العام 2028 الذي من المفترض أن تجري فيه الانتخابات الرئاسية القادمة تبقى تطلّعات السوريين ليوم تحدد فيه أصواتهم الانتخابية رئيسهم وسط أجواء من الشفافية والنزاهة خالية من أيادي المخابرات ومسرحيات السلطة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى