قرى حوران من الاندثار إلى الإعمار والتنظيم
نبأ| صهيب المقداد
في التقرير السابق تحدثنا عن فترة الترحال والتنقلات والتي كانت من سنة 1111 هجري الموافق 1700 ميلادي إلى نحو 1266 هجري الموافق 1850 ميلادي، فترة قلّت فيها القرى وزاد فيها الراحلون عن ديار حوران كما زاد فيها القادمون في تغيّر ديموغرافي واضح ليتشّكل لدينا السهل الحوراني والجبل الحوراني كما هو اليوم، وإذا تحدثنا عن الديموغرافيا في حوران من ناحية العشائر والقبائل التي رحلت والتي استقرت فيها، فعلينا أن نسلط الضوء على قرى ومدن حوران وأبرز المحطات التي مرت بها في تاريخها المعاصر.
الهجرة والتنقلات المستمرة كانت تؤثر بشكل كبير على أعداد السكان في حَوران وأصبحت القرى وكأنها خالية من السكان؛ على إثر زحف القبائل البدوية نحو حوران، وقلة التنظيمات الإدارية، وقد أظهرت إحدى الدراسات الإنخفاض في الكثافة السكانية لمنطقة حوران بين عامي 1596-1880 ميلادي، فقد كانت نسبة الهجرة في الفترة المذكورة في درعا وما حولها تتجاوز ال 70٪، وقد كانت نقرة حوران لوحدها فيها أكثر من 240 قرية آهلة بالسكان،(1)وفي سالمانة الدولة العثمانية لسنة 1317 هجري، يظهر في منطقة النقرة نفسها 111 قرية، أي أن قرابة 130 قرية لم تظهر في السالمانة وقد تحولت إلى خِربة*، ومن الأمثلة على القرى التي اندثرت:
- الشريّك: وقد كانت غرب قرية معربة وشرقي الجيزة
- المليحة الشمالية: وقد كانت شرق بلدة الشيخ مسكين
فكان لا بد من قدوم فترة وعهد التنظيمات وهو عهد بدأ من منتصف القرن التاسع عشر لتتبع الدولة سياسية جديدة إتجاه ولاياتها وإتجاه حوران، ومن القرى التي أعيد إعمارها نحو 1266 هجري الموافق 1850 ميلادي: السماقيات – المتاعية – الجيزة – السهوة (والتي كانت معسكر لقوات محمد باشا المصري)، وقد بنيت قرى أخرى على أنقاض قرى وبلدات قديمة، كقرية: صماد – سمج(2).
فكانت سمة العصر الجديد، التنظيمات الإدارية والإستقرار السكاني:
– التنظيمات الإدارية لحوران:
ظهر اسم حوران كلواء مستقل في التنظيمات الإدارية العثمانية لأول مرة سنة 1273 هجري والموافق 1857 ميلادي، ويتبع لولاية سورية، وتشكل لواء حوران من عدة أقضية وكان التقسيم يزداد بشكل أفضل وطريقة أحسن في كل عام مع استقرار حركة السكان، فاللواء (حوران) يضم أقضية والأقضية تضم نواحي والنواحي تضم قرى ومزارع، فتشكل لواء حوارن سنة 1301 هجري الموافق 1884 ميلاي من قضائين “قضاء درعا – قضاء بصر الحرير” وناحية واحدة وهي ناحية “بصرى اسكي شام” في حين أن لواء حوران في سنة 1317 هجري الموافق 1900 ميلادي تشكل من ثماني أقضية و11 ناحية، وفي سنة 1912 ميلادي تشكل لواء حَوران من 5 أقضية و17 ناحية، فقّلت الأقضية وزادت النواحي.(3)
تأتي أهمية هذه التقسيمات من ما تفرزه من قرارات لتأمين وتنظيم جميع الدوائر والأجهزة والمؤسسات الحكومية، كبناء المدارس وتأمين المواصلات لمراكز الأقضية وهيكلة نظام قضائي في كل من مركز الواء والقضاء والناحية.
– إستقرار السكان:
كانت المشكلة التي تواجه الدولة في حوران هي أن عشائر البدو كانت تكره أن تقوم الدولة بتعدادهم ولا يصرّحون بمقدار أعدادهم الحقيقة وقد كانوا يشكّلون المكون الأكبر والأهم بحوران، ومع ذلك فقد إستطاعت الدولة تقدير عدد خيم بعضهم سنة 1300 هجري والموافق 1882 ميلادي، على النحو التالي:(4)
- بني سرحان: 2000
- بني معجل: 5000
- عرب اللجاة: 7000
- ولد علي: 2000
- النعيم: 2000
- الفضل: 2000
- بني خالد: 2000
- سردية: 200
وقدّر مجموع عدد عشائر حوران قاطبة في السنة التي سبقتها بنحو 32750
وقد أظهر آخر إحصاء عثماني بعد عهد التنظيمات سنة 1336 هجري الموافق 1918 ميلادي، عدد سكان قرى لواء حوران وتقسيمه على النحو الآتي:(5)
- قصبة درعا: 5751
- قصبة إربد: 1618
- قصبة سويداء: 3942
- قصبة بصرى: 3042
- قصبة إزرع: 1249
- قصبة مسمية: 294
المجموع: 15896
وبهذا كانت حَوران تتجه نحو التمدّن.
المصادر:
*خِربة: مكان موحش، مهدم البيوت، لا ناس فيه.
- حوران الدامية، الرحالة حنا أبي راشد، صفحة 10-11
- العمارة القديمة في سوريا: جنوب حوران، تأليف: هاورد كروسبي، ترجمة: عائشة محمد موسى، صفحة 72-73
- تاريخ الإدارة العثمانية في شرق الأردن، أحمد صدقي الشقيرات، صفحة 116
- الأرشيف العثماني، سالمانة ولاية سورية سنة 1300، صفحة 251-254
- التاريخ السوري المعاصر، من الأرشيف العثماني 1918، فارس الأتاسي.