التقارير

لماذا اُغتيل أدهم أكراد؟

أحدث اغتيال أدهم صدمة للشارع في درعا، بالرغم من أنه تعرض لمحاولة اغتيال قبل مقتله بعام.

نبأ| درعا

وإن اختلفت الرواية في بعض تفاصيلها لعدم وجود شهود عيان على الحادثة كلها، إلا أن المثبت أن أدهم أكراد قُتل مع أربعة آخرين بإطلاق نار من ملثّمين.

بعد إطلاق النار على سيارتهم وخروجها عن الطريق، اشتعلت النيران فيها وطالت بعض أجزاء أجسادهم، لكنها تركت شيئاً للتعرّف عليهم.

كان ذلك في شمال درعا قرب قرية تبنة على الأوتوستراد الدولي دمشق – درعا في مثل هذا اليوم من العام الفائت، أثناء عودتهم من العاصمة، لم ينجو أحد من الأشخاص الخمسة كما أنه لم تُعرف هوية القتلة.

أحدث اغتيال أدهم صدمة للشارع في درعا، بالرغم من أنه تعرض لمحاولة اغتيال قبل مقتله بعام.

هو واحد من بين مئات قضوا في عمليات اغتيال وتفجير منذ سيطرة النظام وروسيا على المحافظة في آب (أغسطس) عام 2018.

كيف برز؟

ينحدر أدهم أكراد من مدينة درعا، عمل مهندساً للطاقة في دولة الإمارات، عاد إلى درعا أثناء تصاعد نشاط فصائل المعارضة، فاتجه للانخراط في القتال ضد النظام وعمل منذ بداية نشاطه على تصنيع المتفجرات والصواريخ بجهود محلية مع أفراد آخرين من أصدقائه أقاربه.

شيئاً فشيئاً تمكن أدهم من إثبات جدارته في تصنيع الصواريخ وهو ما كانت تفتقر له المعارضة في المنطقة، حيث كانت بحاجة لتعزيز قدراتها في مواجهة النظام وحلفائه في ظل محدودية الدعم العسكري للمعارضة.

أولت فصائل المعارضة في درعا اهتماماً بفريق التصنيع فقدمت له دعماً في سبيل تطوير بعض الصواريخ والأسلحة لتكون فيما بعد الأشهر استخداماً في المواجهة ضد النظام، وكانت ذروتها بين عامي 2015 و2018، حتى كانت بعضها توازي صواريخ النظام “الفيل والخرطوم والبرميل المتفجر” من ناحية القوة التدميرية.

تصدّر أدهم أكراد بيانات المعارضة ومقابلات القنوات التلفزيونية وكان يراه البعض محباً للظهور الإعلامي، فظهر مرة مخاطباً روسيا وأخرى مخاطباً الشعب السوري، وهو ما أكسبه شهرةً في الشارع وحتى في أوساط الموالين للنظام الذين حمّلوه مسؤولية قصف المناطق السكنية وطالبوا بمحاسبته بعد فرض النظام سيطرته على درعا.

في صيف عام 2018 أجبر النظام وروسيا المعارضة في جنوب غرب سوريا على توقيع اتفاق التسوية بعد انقطاع الدعم الأجنبي عنها، فألقى المعارضون أسلحتهم ومن بينهم أدهم أكراد.

في البداية شارك في جلسات التفاوض مع ضباط النظام وروسيا لكنها امتنع عنها فيما بعد.

لم يثبت انضمامه لقوات النظام أو قوة حليفة لها كما حصل مع أحمد العودة وغيره من القياديين المعارضين الذين انضموا بعد اتفاق التسوية لأفرع أمنية وفرق عسكرية، بل سلك أكراد طريقاً معاكساً.

مع تصاعد وتيرة الاغتيالات والاعتقالات وشن النظام هجمات عسكرية على مناطق متفرقة من درعا، عاود الأهالي في المحافظة رفع الشعارات المناهضة للنظام وإحياء المظاهرات في الساحات والشوارع رفضاً لعودة السلطة الأمنية على مدنهم وبلداتهم.

لم يغب أكراد عن مظاهرات مدينة درعا في ساحة المسجد العمري وظهر مرات عدة في مقاطع فيديو محذراً النظام من الاستمرار في التصعيد ومذكّراً ببنود اتفاق التسوية التي لم يلتزم النظام وروسيا بتطبيقها.

لأول مرة بعد اتفاق 2018، يخرج أدهم أكراد في أيلول (سبتمبر) العام الماضي (قبل نحو شهر من اغتياله) في مقطع فيديو إلى جانب أعضاء في لجنة التفاوض مهدداً بالتصعيد إذا استمر النظام في نهجه الأمني.

كما وجّه فيه انتقادات لروسيا واتهمها مع ضباط النظام بـ “الكذب” لعدم الالتزام بتعهداتهم في اتفاق التسوية.

صفحات إعلامية وحسابات موالية للنظام على موقع “فيس بوك” تناقلت فيديو أكراد وانتقد الكثير منهم “خطاب تهديد الدولة” من منطقة زعم النظام في وقت سابق أنه يسيطر عليها.

بعد ذلك بنحو شهر لقي أدهم ورفاقه حتفهم بعملية اغتيال لم ينشط أحد في كشف ملابساتها كغيرها من مئات عمليات الاغتيال المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

لكن أصابع الاتهام تذهب في اتجاه واحد، النظام هو الطرف الوحيد الذي كان مقتل أدهم في صالحه.

تخضع المنطقة التي وقعت فيها عملية الاغتيال، لسيطرة النظام ولم يسبق أن سيطرت عليها المعارضة وتنتشر فيها ثكنات ومعسكرات للجيش.

لكن الإجابة ما زالت مخفية: لماذا اُغتيل أدهم أكراد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى