مجتمع

“الزواج بكبسة زر” هل هو واقع مفروض على الشباب السوري في أوروبا؟

ومن جانب آخر، لم يكن أحمد يعلم أن نهاية "حبه الالكتروني" ستكون في المحاكم بعد أن رفع دعوى قضائية على ريم الفتاة التي أحبها وخطبها عن طريق مجموعة في تطبيق "فيس بوك".

نبأ| أميمة القاسم

يجلسُ “مهند” خلف شاشة الكمبيوتر لأكثر من سبعِ ساعات يومياً ليتكلم مع “حياة” الفتاة التي تعرّف عليها عن طريق تطبيق “الفيس بوك” في إحدى مجموعات التواصل العامة.

يروي لنا الشاب (20 عاماً) المُقيم في العاصمة الفرنسية باريس منذ أربع سنوات لـنبأ، قصة تعارفه على حياة، قائلاً: “في البداية كنا أصدقاء في مجموعة مشتركة ولم يكن بينا أحاديث على الخاص كنا فقط نتحدث عبر التعليقات، بعد ذلك أضفتها كصديقة على حسابي الشخصي، وبدأنا نتحدث لساعات طويلة، وبعد ست شهور صارحتها بُحبي لها، شعرتُ أنها تُشبهني كثيراً لديها نفس الاهتمامات ونتفق في الكثير من الأفكار”.

تواصلنا مع حياة المُقيمة مع أمها في لبنان منذُ سبعِ سنوات، وسألناها عن تجربتها العاطفية التي بدت سعيدة بها، حيثُ حدثتنا عن شوقها الذي يرافقهُ خوف للقائها الأول مع مهند.

تقول: “منذ سنتين أعيش على أمل أن التقي بمهند على أرض الواقع، واسأل نفسي في كل ليلة، هل يمكن أن تكون طبيعتهُ مُغايرة لما صوره عقلي عنه، وبالتأكيد هو يسأل نفسه الأسئلة ذاتها ولديه نفس المخاوف”.

وتؤكد حياة، أن الحب الذي تعيشهُ مع مهند لم يخطر على بالها يوماً رغم البعد الذي بينهم وتتمنى أن تنتهي قصتها بلقائه قريباً وألا يأخذ “لم الشمل” وقت طويل.

ومن جانب آخر، لم يكن أحمد يعلم أن نهاية “حبه الالكتروني” ستكون في المحاكم بعد أن رفع دعوى قضائية على ريم الفتاة التي أحبها وخطبها عن طريق مجموعة في تطبيق “فيس بوك”.

يحدثنا أحمد عن قصته قائلاً: “لم اعد أؤمن بالعلاقات على الانترنت بعد الذي حصل معي، فأنا أعيش بصراع ومشاكل يومية منذُ ثمانية شهور، بسبب وهم الحب الذي عيشته مع فتاة لم تكن تريد إلا المال”.

يعيش أحمد في ألمانيا منذ عام 2015، ويعمل في شركة خاصة، بدأت قصته مع ريم عند كتابتها منشور أنها بحاجة إلى سكن، أرسل لها أحمد معلومات عن منزل قريب منهُ لتتطور القصة بعدها إلى حب، وبعد شهور عرض عليها الزواج، ليفاجئ بعدها بشهرين من الخطبة أن ريم تريد أن تفسخ الخطوبة من دون أسباب مُباشرة، بعد أن كلفهُ ذلك ما يُقارب 15 ألف يورو، الأمر الذي دفعهُ لرفع دعوى ضدها لتعويضه عن خسارته، بحسب قوله.

وفي نفس السياق، تقول سحر “انفصلت عن زوجي بعد تعارف على الانترنت دام خمسة شهور وزواج شهران، لقد كان مختلفاً تماماً في الواقع لم تكن معاملته لطيفة كما كان يُظهر لي في كلامه المعسول على الإنترنت، كما اتضح أنه لا يتحمل المسؤولية، وأنه عصبي ومزاجي في الكثير من الأحيان، لم اشعر معهُ بأني راضية عن زواجي منه، وأفعاله كانت تؤكد لي أن اختياري خاطئ لذلك قررتُ الانفصال قبل أن أصبح أم كي لا أتورط بعلاقتي معه أكثر “.

ورغم أن مواقع وصفحات التعارف حققت انتشاراً كبيراً إلا أن الكثير من الشباب السوري في أوروبا تحديداً أصبح لديهم مخاوف لأنهم أكثر عُرضة للنصب والاحتيال، كما هو الحال مع ميلاد.

“في البداية كانت بنظري فتاة بريئة، وكنا نتحدث لساعات طويلة ونتشارك كل ما نقوم به أثناء اليوم، لم أكن اعتقد يوماً أن حبها لي مصلحة أو نجاة لها من جحيم سورية كما اتضح الأمر، فبعد سنوات وفي لحظة استقبالي لها في المطار بألمانيا لم أشعر بأنها سعيدة بلقائي، وبعد يومين أخبرتني أنها غير مستعدة للزواج في الوقت الحالي، وأنها تريد إكمال دراستها التي خسرتها في سورية”.

ومن جانبه يرى الأخصائي الاجتماعي، باسل نمرة، أن السبب الرئيسي في اتجاه العديد من الشباب السوري “للتعارف الالكتروني”، هو الشتات العائلي الذي شهده المجتمع السوري بسبب اللجوء، وتغيير نمط الحياة الاجتماعية، ففي سورية كان التعارف مُباشر أو عن طريق العلاقات الأسرية، وفي الكثير من الأحيان كان الزواج يتم عن طريق الأهل حيثُ تتعرف أم الشاب على الفتاة ويتم تبادل الزيارات والاتفاق على الزواج، ولكن الآن أكثر الشباب متواجدون لوحدهم في أوروبا ففُرض عليه الوسائل البديلة “وسائل التواصل الاجتماعي”، والانترنت يكون هو الملاذ لحياة اجتماعية أيضاً بديلة.

ويُضيف نمرة، أنه ليس هناك إحصائيات دقيقة تُشير لنجاح أو فشل الزواج عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه واقع فرض على المجتمع السوري وأساس نجاحه بنظري هو الصدق بين الطرفين، هناك تجارب كانت ناجحة، وهناك علاقات لم تثبت نجاحها في الوصول لمرحلة الزواج فكانت علاقات مؤقتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى