النظام يلجأ للحملات الأمنية المحدودة بديلاً عن الهجمات العسكرية الواسعة لملاحقة المعارضين في درعا
بعد انتهاء ملف التسويات، جرى الحديث في أوساط ضباط وعناصر مخابرات النظام بحسب مصادر نبأ، إن "الحل في درعا أمني وليس عسكري"، وهو ما يفسّر إطلاق يد الأفرع الأمنية واستئناف عمل أقسام "الدراسات" لديها المختصة في جمع المعلومات.
نبأ| درعا
كثّف النظام حملاته الأمنية في الأيام الأخيرة ضد معارضيه في مناطق متفرقة من درعا، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص.
خمسة هجمات على الأقل نفذها عناصر من مخابرات النظام استهدفت منازل وخيام في عدد من البلدات شمال وشرق درعا، بعضها تطورت إلى اشتباك مسلح مع مقاتلين معارضين.
جاء ذلك في وقت يستمر فيه انسحاب قوات من جيش النظام، بينها الفرقة الرابعة التي تنتشر معظم مواقعها في مدينة درعا وريفها الغربي.
لكن انسحاب أعداد كبيرة من الجيش، يراه مراقبون نتيجة تغيير النظام سياسته تجاه ملف درعا، مستبعداً بذلك العمليات العسكرية الواسعة التي قد تجرّ المنطقة إلى مواجهة جديدة فضلاً عن تجييش المجتمع الدولي ضده، كما حصل في هجومه على مدينة درعا قبل أشهر.
“الحل في درعا أمني وليس عسكري”
تشير عمليات النظام الأمنية في الآونة الأخيرة، إلى إصراره على إنهاء تواجد المعارضين في المحافظة الجنوبية بالرغم من اتفاقات التسوية التي شملت معظم مدنها وبلداتها وحصوله على كميات كبيرة من السلاح فضلاً عن تفتيش الأحياء السكنية والسهول المحيطة.
بعد انتهاء ملف التسويات، جرى الحديث في أوساط ضباط وعناصر مخابرات النظام بحسب مصادر نبأ، إن “الحل في درعا أمني وليس عسكري”، وهو ما يفسّر إطلاق يد الأفرع الأمنية واستئناف عمل أقسام “الدراسات” لديها المختصة في جمع المعلومات.
يرى الناشط المعارض في درعا، خليل أحمد (اسم مستعار)، أن ما تشهده المحافظة اليوم لم يختلف عن ما شهدته في السنوات الثلاث الماضية (بعد اتفاق التسوية 2018)، لكن “القبضة الأمنية” اشتدت في محاولة لتحقيق الأهداف التي فشل النظام في تحقيقها بالعمليات العسكرية الأخيرة.
وأوضح خليل، أن سحب الحواجز العسكرية والسماح بحرية التنقّل بين المناطق بدرعا، هو جزء من السياسة الأمنية الجديدة، والهدف منها نشر الطمأنينة بين الأهالي وإيهامهم بالاستقرار، وفي الجهة الأخرى يجري ملاحقة المعارضين بحملات ومداهمات على نطاق ضيق وبمناطق متفرقة.
اللجاة وخربة غزالة وناحتة وجاسم والغارية الشرقية والصنمين، مناطق في درعا تعرضت في الأيام الأخيرة لهجمات ومداهمات، تركّزت معظمها في السهول التي يقطنها عشائر من البدو، بعضهم من النازحين من قرى شمال شرق درعا.
ونقل موقع “البعث ميديا” الموالي للنظام، عن مصدر أمني، إن “القوى الأمنية بدأت حملة أمنية محدودة للقضاء على المسلحين الرافضين للتسوية في درعا”. مشيراً إلى وجود “بنك من المعلومات” حول المسلحين ومناطق تواجدهم.
وهاجمت قوة أمنية، مزرعة على أطراف بلدة ناحتة (شرق) يوم الأربعاء الفائت، ما أدى إلى اندلاع اشتباك مع مقاتلين مطلوبين للنظام، أسفر عن استشهاد ثلاثة منهم.
لماذا اتجه النظام إلى تشديد القبضة الأمنية؟
بالرغم من خضوع معظم مدن وبلدات درعا إلى اتفاق التسوية بما فيه إجراء عمليات تفتيش وتسليم كميات من السلاح، إلا أن ذلك على ما يبدو لم يحقق غاية النظام الرئيسية وهي إنهاء تواجد المعارضين ومصادرة أسلحتهم.
ينظر النظام للمحافظة الجنوبية، على أنها بوابته الأولى لإعادته مكانته عربياً – على الأقل – وذلك من خلال عودة العلاقات التجارية مع الأردن ودول الخليج العربي، ولا يمكن لذلك أن يتحقق إلا عبر معبر نصيب الحدودي في درعا.
فالأردن والذي يقود مساعي تحسين علاقات النظام السوري مع الحكومات العربية وإعادة حركة التجارة مع سوريا إلى طبيعتها، لن يكون مستعداً لاستكمال ما بدأه قبل أشهر إذا لم يتحقق الاستقرار في المعبر والجزء الذي يقابل حدوده من الأراضي السورية.
الأمر الذي تطلب من النظام وبمساعدة روسيا، إخضاع درعا لاتفاق تسوية جديد تزامناً مع إنهاء العمليات العسكرية وسحب جزء من القوات والحواجز العسكرية وخاصة القريبة من الطريق الدولي درعا – دمشق.
يقول ضابط منشق عن جيش النظام وهو لاجئ في الأردن – طلب عدم ذكر اسمه – لـنبأ، إن النظام لن يترك ملف المعارضين في درعا، فهو يريد من المحافظة منطقة خالية منهم لا يعارضه فيها أي شخص.
وأضاف قائلاً: “اتجه النظام للعمليات الأمنية المحدودة وعمليات الاغتيال لأنه يعلم أنه لن يكون لها صدى كبير سواء في الوسط الشعبي بدرعا أو المجتمع الدولي، ولن تصل إلى حدّ زعزعة استقرار المنطقة لأن مثل هذه العمليات تكون محدودة الجغرافيا ولا تستغرق وقت طويل كما أنه لا ينتج عنها خسائر بشرية كبيرة قد تثير ضجة ما”.
ويرى الضابط المنشق، أن مثل هذه العمليات قد تكون الأخطر على المعارضين في المنطقة، بسبب صعوبة تحركهم وتنقّلهم بين المناطق، في المقابل يسهل على قوات النظام التحرك ومداهمة الأماكن بناء على المعلومات التي يحصلون عليها من شبكة المتعاونين معهم.