نبأ تكشف اللثام عن “عماد أبو زريق” وعملياته الأمنية في درعا
باسل الغزاوي/ نبأ
يحاول النظام من خلال أفرعه الأمنية في درعا، ترسيخ قبضته الأمنية في منطقة تُعتبر من أكثر المناطق سخونة في سوريا، على الرغم من سيطرته عليها قبل عامين بدعم روسي.
القبضة الأمنية لا يُمكن بسطها على معظم المناطق في المحافظة، على اعتبار أن أجزاء منها ما تزال خارج نطاق انتشار الحواجز العسكرية، فكان للنظام خياراً بديلاً عن شن الهجمات التي من الممكن أن تزيد من التصعيد، وهو تجنيد المعارضين السابقين في “الخلايا الأمنية” لتنفيذ مهام الاغتيال والخطف.
منذ سيطرة النظام على المحافظة الجنوبية، نجح في تجنيد العشرات من المعارضين السابقين الذين انخرطوا في اتفاق التسوية، من أبرزهم “عماد أبو زريق” الذي كان قد لجأ إلى الأردن كقائد معارض في فصيل “جيش الثورة” قبل عامين، ثم عاد بعد أشهر كمسؤول عن “خلية أمنية” مرتبطة بشكل مباشر مع فرع الأمن العسكري، فما هي قصته؟
عماد أبو زريق “القائد المعارض”
ينحدر أبو زريق من بلدة نصيب قرب الحدود مع الأردن، من مواليد عام 1982 عمل في المنطقة الحرة السورية – الأردنية المشتركة، ولعب كرة القدم مع نادي الشعلة قبل العام 2011.
التحق بصفوف المعارضة كقائد عسكري فيما عُرف بـ “كتيبة اليرموك” في بلدته عام 2012 بعد إطلاق سراحه مع أشقائه من قبل فرع المخابرات الجوية، وعمل لسنوات في مهام عسكرية ضمن فصيله الذي أصبح اسمه “جيش اليرموك”، حتى شغل منصب “قائد لواء المشاة” في فصيل “جيش الثورة” الذي أُعلن عنه عام 2016 كتحالف ضم عدد من الفصائل.
كما شغل أبو زريق مهام “مندوب” عن فصيل جيش اليرموك في غرفة الموك في الأردن، المسؤولة عن دعم تشكيلات “الجبهة الجنوبية” في جنوب سوريا، إلى جانب إدارته لمجموعة أمنية متهمة بمسؤوليتها عن عدد من عمليات الخطف والاغتيال بدرعا.
لجأ إلى الأردن في تموز/ يوليو عام 2018، برفقة مجموعة من القياديين البارزين وعائلاتهم أثناء هجوم النظام وروسيا على محافظة درعا.
من الأردن إلى فرع الأمن العسكري
وبعد ستة أشهر قضاها في حي الصريح بمدينة إربد في الأردن، عاد القيادي عماد إلى سوريا عبر معبر نصيب الذي يسيطر عليه النظام، دون أي تدقيق أو استجواب على الرغم من تواجد مركز أمني في المعبر، واستقبله عدد من أقاربه الذين رافقوه إلى بلدته نصيب.
حصلت نبأ من مصادر عدة بريف درعا الشرقي، على معلومات مفادها، تجنيد أبو زريق عدد من المقاتلين لصالحه، معظمهم من المعارضين السابقين ويتراوح عددهم بين 50 – 60 شخص، كميليشيا مسلحة تعمل لصالح فرع الأمن العسكري في درعا.
وكشف مصدر مطّلع (من المقرّبين من أبو زريق) رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، لـنبأ، عن اجتماع عُقد بتاريخ 16 كانون الثاني من العام الجاري، ضم كل من عماد أبو زريق ووسيم المسالمة (قائد ميليشيا تابعة للنظام)، مع اللواء كفاح ملحم والعقيد لؤي العلي والمقدم علي الظاهر، في مقر شعبة الأمن العسكري في كفر سوسة بدمشق، مُنح خلاله أبو زريق صلاحيات تتيح له تنفيذ مهام اغتيال وخطف لصالح سرية المداهمة 215 التابعة للأمن العسكري.
وأوضح المصدر، أن ميليشيا عماد تتمتع بحرية كبيرة في التنقّل بسيارات بعضها غير نظامية كما أتاحت له العلاقة مع النظام تسهيلات لنقل أشخاص مطلوبين للنظام تربطه بهم علاقة شخصية أو قرابة، ومن بينهم “أبو علي اللحام” الذي نسّق له عودته من إدلب إلى درعا.
كما ساهمت علاقاته مع ضباط النظام، بتسهيل عمليات التهريب وتجارة الدخان عبر معبر نصيب مع الأردن، حتى تمكن من الاستثمار في “استراحة أبو زريق” على الأوتوستراد الدولي والتي تعد أحد مصادر الدخل الرئيسية له ولعناصره.
المصدر المقرّب من أبو زريق، أكد أن تنسيق الأخير مع فرع الأمن العسكري يتم من خلال الاتصال المباشر مع عدد من الضباط أبرزهم “لؤي العلي” و”سامر عمران”، ويتم عادة إرسال المعلومات والإحداثيات عبر جهاز خاص بحوزة عماد، ولوحظ مرات عدة توجه المجموعة الأمنية إلى بعض المواقع عبر احداثيات محددة على الجهاز.
ومن أبرز العمليات الأمنية التي تم تنفيذها من خلال الاحداثيات، مداهمة عدد من المنازل بريف درعا الغربي قبل نحو شهرين ونصف، بذريعة ارتباط ساكنيها بتنظيم الدولة وتشكيل خلايا اغتيال.
حيث جرى اعتقال عدد من الأشخاص قبل إطلاق سراحهم بعد عدم ثبوت تبعيتهم للتنظيم وإعادة ممتلكاتهم التي كان قد نهبها عناصر أبو زريق.
بحسب المصدر، فإن أولى عمليات الخطف التي نفذتها المجموعة الأمنية، كانت بحق الشاب “رأفت الخطيب” من سكان بلدة الجيزة مطلع العام الجاري، حيث اختُطف من معصرة زيتون على طريق أم المياذن-النعيمة شرق درعا، ومن ثم أُفرج عنه من فرع الأمن العسكري مقابل فدية مالية بعد أحد عشر يوم من اختطافه.
وتابع: ” من بين العمليات التي يقف أبو زريق خلفها، حادثة مداهمة مزرعة في منطقة النخلة جنوب شرق مدينة درعا يقطنها شخص يُدعى “مفلح أبو عبد الله”، حيث دارت اشتباكات بين الأخير والمجموعة الأمنية المشتركة مع عناصر مجموعة “مصطفى المسالمة” المرتبط بالنظام أيضاً، ما أدى إلى مقتل الشخص المستهدف وإصابة عنصر من المهاجمين يُدعى “مناف الشريف”.
وأشار المصدر إلى أن أبو زريق اتهم مفلح بالارتباط بتنظيم الدولة، في حين أنه معارض سابق ولا يتمتع بصحة جيدة بسبب إصابة سابقة، على حدِّ قوله.
وكانت قد سُرب تسجيل لمكالمة صوتية حصلت نبأ على نسخة منها، بين كل من “عماد أبو زريق” وأحد أفراد مجموعته “يزن محمود عيسى” تتضمن المكالمة تنسيق لتنفيذ عمليات اعتقال لمقاتلين سابقين في فصائل المعارضة رافضين للتسويات.
وكشف التسجيل طلب عماد من يزن، الانخراط ضمن مجموعة مسلحة تقاتل ضد قوات النظام، بقصد اختراقهم ومعرفة تفاصيل نشاطهم.
كما تضمنت المكالمة المسربة، بعض التفاصيل حول عملية كان مُراد تنفيذها بحق شخص من بلدة الصنمين يُدعى “أحمد الشحادة” ملقب بـ “شتّار” عمل سابقاً ضمن الفريق العسكري في غرفة عمليات البنيان المرصوص.
وكان قد قتل “يزن عيسى” بعملية اغتيال نفذها مجهولون في بلدة النعيمة شرق درعا مطلع العام الجاري، فيما قتل “أحمد الشحادة” خلال اشتباك مع عناصر تابعين للنظام على طريق غرز شرق درعا في حزيران الماضي.
ونجا “عماد أبو زريق” من محاولة اغتيال في حزيران/ يونيو الفائت، بتفجير دراجة نارية ملغومة عند الاستراحة التي يملكها على الأوتوستراد الدولي دمشق – درعا قرب معبر نصيب مع الأردن.