مجتمع

اهراءات روما” لم تعد تشبع أهلها”!| تقرير

لم يمنعه كبر سنه ومرضه وصعوبة حركته من السعي باكراً للوقوف في دوره ضمن طابور الانتظار لتحصيل عدة أرغفة يسدّ بها حاجته مع زوجته المسنة بعد أن باتا وحيدان يصارعان البقاء في بلاد بات الجوع والفقر يأكل أهلها.

أبو وحيد أستاذ متقاعد يصف الحال التي يعيشها في ضل حياة الطوابير بعد أن أصبحت من يوميات المواطن السوري وباتت كل قرية وبلدة تنافس جارتها في طابورها الأطول ويكون لسكانها ملتقى في بعض أدوار الانتظار على أطراف بلداتهم بحسب وصفه.

يقول أبو وحيد “الفساد وتغلغله في كيان السلطة والمؤسسات السورية خلال السنوات الماضية دفع النظام مؤخراً لتحميل الشعب نتائج أخطائه وصب عقوباته الخارجية علينا رغم تأكيد مسبق من فارضي العقوبات (قانون قيصر) أنها لن تستهدف المواطن والمساعدات المقدمة له إنما ستكون على أركان النظام وداعميه”. مؤكداً أن الطوابير المتزاحمة نتاج فساد وسرقات يومية من قوت الشعب لجيب المنتفعين من النظام.

يضيف أبو وحيد: “أقف على طوابير الخبز يومياً منذ أسابيع لعدة ساعات ننتظر وننظر إلى صورة الوريث القاصر المعلقة في كل زاوية ومدخل بالفرن مع سماع همهمات الواقفين عند شتمهم صاحب الصورة نظراً للحال الذي أوصل إليها البلاد.

وقال معاذ العمار(اسم مستعار) أحد أهالي مدينة نوى (غرب) إن الفرن الآلي في المدينة لم يتوقف عن العمل خلافاً لباقي القرى المجاورة لكن الإنتاج اليومي للفرن يذهب كاملاً لصالح وحدات الجيش بالريف الغربي مع حرمان المدينة كاملة من الخبز وتوزيع الفائض من كل وجبة على المحسوبيات والمقربين.

ويضيف: “تجمهر الأهالي أمام الفرن دفع قوات النظام لجلب تعزيزات عسكرية مؤلفة من سيارات تحمل رشاشات ثقيلة وعدد من العناصر تمركزت أمام فرن المدينة منعاً لأي تجمعات أو تجاوزات قد تحصل في سبيل تأمين النظام خبز جيشه المنتشر في محيط المنطقة وحرمان أهلها للأسبوع الثاني على التوالي منه.

أبو أسعد أحد سكان منطقة الريف الغربي من درعا اشتكى أيضاً حالة الحرمان الممارسة من قبل الإدارة المحلية في المحافظة بحقهم حيث قال في حديثه لـنبأ، إن خمسة وعشرون قرية وبلدة في منطقة حوض اليرموك تعاني حرمان المنطقة من الخبز للأسبوع الثاني على التوالي مع توقف الأفران عن العمل بحجة فقدان مادة الطحين وعدم وصول مخصصات القرى.

وأشار أبو أسعد لصعوبة تأمين حاجتهم من الخبز من القرى المجاورة بسبب النقص في عموم المنطقة إذ ترفض غالبية الأفران (إن وُجد لديها الطحين) بيع الخبر لأهالي المناطق المجاورة بسبب محدودية المخصصات للأهالي المسجلين لدى المعتمدين بمراكز البيع، كما أن الخبز الحر (الأفران الخاصة) يكون بضعف السعر ويصل سعر الربطة حتى 1500 ليرة في ظل انقطاع مادة البنزين لاسيما أن على المشتري قطع مسافة لا تقل عن 10 كيلو متر لأقرب قرية يتوفر فيها الخبز.

وأضاف أن بعض الأهالي باتوا يستبدلون الخبر من الأفران بطحن كميات من القمح لتوفير حاجتهم من الطحين في حين يراها كثيرون بأنها غير مجدية لافتقارهم لمادة الغاز وارتفاع سعر الاسطوانة ومحدودية الحصول عليها إذ تُخصّص لكل أسرة أسطوانة واحدة كل شهر.

أبو وحيد كان قد أبدى استغرابه للصمت الشعبي المطبق وعدم المطالبة بأبسط حقوقهم وهي الحياة الكريمة مستذكراً “آذار درعا” والمطالب بالحرية، مشدداً على أن “ثورة من أجل رغيف الخبز لن تجني أكثر من فرن” مشيراً لضرورة مواصلة المطالب برحيل النظام واقتلاعه حتى تنعم البلاد، وحول ذلك استذكر ثورات شعبية وانتفاضات كان سببها الرئيسي الجوع والفقر منها “انتفاضة الفقر” في مصر عام 1977 في عهد محمد أنور السادات، الذي اتهم المتظاهرين حينها بالتآمر مع جهات خارجية للإطاحة به وهو ذاته الفكر المترسخ لدى الحكومات العربية، وغيرها في بلدان عربية أخرى كان ثوارها من أنصار رغيف الخبز تونس1984، المغرب 1884، الجزائر 1986و1988، معان الأردنية 1989و1996.

ويختم أبو وحيد حديثه بأن حوران التي أمدّت الإمبراطورية الرومانية بالقمح والحبوب والغلال على مدار سنوات منذ سالف العصور لم تشهد أن جاعت في زمانها بعد أن فاض قمحها حتى لقبت بـ “اهراءات روما” التي باتت اليوم غير قادرة على إطعام أهلها.

نبأ/ جواد أبو حمزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى