مجتمع

لاجئون سوريون: لا أمل في عودة ولا سبيل للخروج!

محمد الفيصل

ممازحاً والدته في حديثه الأخير معها أنه يجمع أغراضه ويرتب أوراقه للعودة إلى الوطن ملبياً دعوة النظام للمهجرين بفتح البلاد أبوابها أمامهم وتأمين الظروف لهم على أكمل وجه. لم ينهي حديثه لتقاطعه أمه قائلة “ما في أمل بالعودة يا ابني”.

حديث هاتفي لم يطول رغم معرفة أم أحمد، بمزاح ولدها في أي حديث يكون سبيلاً عن ماضي امتلأ بالصور والأحداث والأوجاع اليومية حتى باتت ذاكرة مخزنة لدى كل السوريين وما ذاقوه خلال سنوات الحرب.

يقول أحمد وهو لاجئ سوري في فرنسا أن خصوصية الحالة السورية وما تركته الحرب في نفوس الشعب جعل أي حديث يذكر عن ماضي حربهم وأوضاعهم الحالية أفقد عن عقولهم سمة الخصوصية. واصفاً الأمر بالانتهاك المستمر لمصير السوريين وحياتهم حتى في بلاد اللجوء من مخيمات الجوار حتى أوربا وباقي القارات التي احتضنتهم.

حاورت نبأ بعض اللاجئين السوريين ولم تلقى اعتراف حتى من قاطني المخيمات، على من اجتمع مؤخراً من الدول لمناقشة عودتهم بعد تهجير قسري متجاهلين أساس وسبب مأساتهم لا سميا أنه هو القائم عليها والداعي لها الآن لاستئنافها.

يقول أحمد أن والدته لا تفضل سماع أي حديث له متعلق في العودة حتى وإن تحسنت الأوضاع فهي على حد قوله مطمئنة دائماً أن لا خطر عليه في الغربة مكتفية بسماع صوته بشكل يومي والتي تعتبره كما يقول نقلاً عنها: “صوتك بالغربة أونس من صورتك بالسجن”.

أمهات أخريات وهن كُثر كأم أحمد فقدن أولادهن في سجون الأسد، عبّرن عن خسارتهن باشتياق ولوعة لهم بعد اعتقالهم منذ سنوات دون معرفة مصيرهم.

“هل هم أحياء في السجون كما في القلوب؟” هكذا تساءلت أم نضال (62 عاماً) حول مصير أحد أبنائها الذي مرّ على اعتقاله على يد قوات النظام خمس سنوات فيما قُتل آخر خلال اشتباكات في درعا.

واستذكرت رفض أبنائها الخروج من سوريا مع اندلاع الثورة عام 2011، واليوم ماتزال أم نضال تعيش على أمل عودة ابنها المعتقل، داعيةً كل أم سورية لإبقاء أولادها في بلاد اللجوء كي لا يُلاقوا مصير أبنائها عند عودتهم.

الشاب سعيد الراضي لاجئ في لبنان قال لنبأ ساخراً من مؤتمر النظام لعودة اللاجئين، إنه عازم على العودة إلى سوريا لكنه بصدد البحث عن عمل يساعده في تأمين المبالغ المطلوبة للعودة ممثلة بمبلغ 100دولار أمريكي لتصريفها على الحدود كشرط لدخوله إلى الأراضي السوري و100 أخرى من أجل إجراء فحص كورونا وأيضاً 100 دولار لمصاري فترة الحجر الصحي.

أبو محمد اللباد لاجئ سوري في شمال ألمانيا قال إنه لن يعود إلى سوريا مهما تبدّلت أو تحسنت الأحوال في المستقبل.

يضيف اللباد “خلال خمس سنوات نجحت في افتتاح مشروعي الخاص وهو مطعم شعبي وتحسنت ظروفي المادية من خلاله، ولدي ثلاثة أبناء يدرسون في المدارس الألمانية وهو ما يدفعني لنسيان أي حديث للعودة والتطلّع لمستقبلي مع عائلتي.

وأشار اللباد إلى آخرين كُثر مازالوا عالقين في سوريا ولا سبيل لهم للخروج بسبب عدم توفر الطرق الآمنة وارتفاع أجور النقل عبر طرق التهريب، ولو أُتيحت لهم الفرصة للخروج لن ينتظروا ليس كرهاً في بلدهم بل هرباً من الحياة الصعبة التي ارتبط كل شيء فيها بالوقوف على الطوابير، على حدَّ قوله.

وتشهد مناطق سورية عدة وخاصة منها التي يسيطر عليها النظام، موجة جديدة من الهجرة لشبّانها باتجاه تركيا والدول الأوروبية بسبب الأزمة المعيشية القاسية التي تفاقمت إلى حدٍّ غير مسبوق منذ أشهر قليلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى